الاثنين، 28 سبتمبر 2009

التاريخ الليبي - والنشء الجديد

لشد ما فتنت في مراهقتي بسلسلة تاريخنا، للكاتب الليبي الصادق النيهوم، فهي -على علاتها- المحاولة الأبرز لتوثيق التاريخ الليبي بالقراءة والنقد.
ومع مرور الأيام ونمو عادة القراءة عندي، والتهام ما يقع في طبق معارفي، بدأ يتضح لي كم هو ضحل إناء الطبخ الذي ينهل كل ليبي منه، مادام في مرحلة الاستهلاك ولم يبلغ مرحلة الإنتاج والقطاف كفطاحلة كتاب التاريخ الليبي المعاصرين.
كم هو غث وهش ما يتناوله طلاب المدارس على مائدة إفطارهم الإبتدائي والإعدادي والثانوي، في وقت لا يكف فيه الطالب المصري عن التهام وجبات تاريخ دسمة -حتى يكاد يسمع تجشؤ إخناتون وتوت عنخ آمون ورمسيس ويرد عليهم التحية- منذ نشأته لتتسع أمعاءه ولا تصاب بالتخمة مستقبلا.
كتوطئة لقصة كيكش المغوار، أفرزت معاناتي مدخلا للقصة جسد مشكلة واجهتني واقعا لا خيالا، لماذا لا يجد الليبي منذ نشأته تاريخه ميسرا سلسا ليغذي فيه شعوره بالانتماء والعراقة؟
لماذا يخالج وجدان الليبي شعور أزلي بالضحالة وسط محيط مترف بالتاريخ؟
أهو حقا ما يردده البعض حول اقتصار دور ليبيا تاريخيا كبوابة شرق وغرب وشمال وجنوب دون هوية!!
الإجابة -وبلا بساطة- لا!
لدينا تاريخ رائع، مزدان بالأحداث الغنية، مرصع بالأبطال، ومفعم بالحكم.
وقبل أن تأخذني الحماسة بعيدا عن موضوعية السرد، والاكتفاء بعبارات الغزل الفضفاض، سأقول وبكل تجرد، جيولوجيا بلادنا وصحاريها تنطق عن سني عدن شهدتها، وفنان كهوفها أكد هذا، وهذا ينفي تهمة غياب الإنسان عن هذه الأرض استقرارا وحضوره لمجرد الترحل فقط.
إذا، السؤال الصحيح هو: أين يمكن قراءة تاريخنا؟
نعم، هناك ثلة كتبت عن تاريخنا، لست بصدد حصرهم، ولكن الأبرز منهم :
1- د.محمد بازامة.
2- الشيخ الطاهر الزاوي.
3- د.مصطفى بعيو.
4- د. البرغوثي.
5- د. علي فهمي خشيم.
6- الصادق النيهوم.
محاولاتهم -التي تستحق التقدير والدعاء لهم على اجتهادهم- لا تكفي لسبر غور تاريخنا.
وحتى لا يتفكك الموضوع قبل خلاصته، سأحصر هدفي حول موضوع العنوان: النشء الجديد.
ما كتبه من أسلفت ذكرهم جيد، ولكن الكارثة تكمن في أمرين:
1- عدم تكرار طباعة إصداراتهم وإغراق السوق إن لزم الأمر بها.
2- عدم إعادة قراءة ما كتبوه لصياغته بطريقة ميسرة للنشء، تحلى بها مناهجهم الدراسية، وتغرس في أعماقهم حب بلدهم.
والنتيجة، مكتبات هشة وغثة في بيوتنا، وهوية لا منتمية تاريخيا لنشئنا.
إذا لم يكن لدينا أبطال! فمن كان شيشنق؟ وأسرته؟
من هو إينارو؟
من هو أبريز -أو خفرع كما يعرفه المصريون ويفخرون، باني الهرم الأوسط وأبو الهول؟
من هو تاكفاريناس؟
من هو كاباون؟
ألم تؤثر ليبيا في الميثالوجيا الإغريقية والمصرية؟ من هو بوسيدون؟ من هو بلوتو؟ من هن الغرغونات؟ من هو آمون؟ ومن هي تانيت؟
هذه نقطة التوقف -ولن أقول نهاية المطاف إن شاء الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق