السبت، 25 أغسطس 2012

ليبيا للاتصالات والتقنية - قراءة من الداخل


" …. تدوين قراءة عن شركة ليبيا للاتصالات والتقنية أشبه بالكتابة عن نظرية إم والبعد الحادي عشر"


لم أجد سطراً يشرح (عسر) المهمة التي أوقعت نفسي بها، إلا النص أعلاه، لأستهل به بعد أن أنهيت متنها أولا، فالعلاقة المتشابكة التي تربط الشركة بالقطاع والدولة قبل وبعد الثورة، تجعل من تفكيك واقعها من أجل تدوينه أمرا أشبه بتفكيك قنبلة ملغومة على يد هاو يعتريه النعاس.

سيدرك القارئ أن القراءة أقرب إلى الشهادة الشخصية منها إلى المقالة العلمية النقدية، والسبب يعود إلى:
  1. قناعتي بأن النص الإنساني النزعة أكثر قرباً إلى وجدان القارئ من النص العلمي الجاف، مع الالتزام بالموضوعية ما أمكن.
  2. حديث الكاتب بلسان الراوي المتفاعل مع الأحداث، أفضل منه بلسان الغائب.
  3. تدافع واحتشاد الكثير لينساب عبر نص القراءة، هذا الكثير الذي يجعل تطعيم النص بمقبلات ومحفزات للمتابعة أمر لا بد منه دفعا للملل ما أمكن.

منذ التأسيس وحتى تمليكها للدولة:

في سنة 1997، وضمن إطار التجربة، وُلِدتْ الإنترنت في ليبيا من رحم الشركة العامة للبريد، ولادة قيسرية عسيرة لعل عسرها كان تنبؤا بميلاد تقنية ستشكل بواكير شق عباءة القذافي عبر نسائم ولفحات حرية تفرد بها الواقع الافتراضي، ولم يخطيء أنف النظام القمعي الأمني رائحة هذا التهديد، فاعتبارها خطرا يتوجب ضبطه ومتابعته ليولد على عينه ومقاسه، وينحصر استخدامه في البداية على عينات مختارة من الموالين والمحايدين قبل أن يشب عن الطوق لاحقا.
في ذات السنة، وجد هذا الوليد من يهتم به، وسواء كان هذا الاهتمام مخططا له لاحتواء الإنترنت مستقبلا من قِبل القذافي الأب أو بدوافع تجارية وشخصية بحتة من القذافي الإبن، وُلِدَت شركة ليبيا للاتصالات والتقنية على يد زملاء دراسة محمد القذافي، لتنطلق الشركة تجاريا ًبعد سنتين تقريبا، بإدارة تنفيذية من شخصية ذات خلفية عسكرية محضة ترتبط بوشائج قربى بمحمد، وهو خاله توفيق خالد، الذي قدم أداء يفوق ما يمكن توقعه وفقا لحيثيته، فرغم الضوابط المتشددة التي ميزت فترة إدارته، تميزت الشركة بانتقائية متقنة لكوادرها أساسها الاختصاص.
لم تكن ليبيا متأخرة كثيرا عن غيرها من الدول العربية عند إطلاقها لخدمة الإنترنت تجاريا–بغض النظر عن معايير الجودة- ولكن داء الخدمة العضال على وشك أن يولد وينحرف بشدة مع الزمن بسبب الإهمال ليتورم مستقبلا ويصبح هم (الشركة- والمشترك) الأكبر: الاهتمام بمصلحة المشترك، بالإضافة إلى :
  1. تأسيس الشركة العامة للبريد لأسعار مجحفة لإيجار معدات التراسل (معدات مملوكة للبريد تُمكن ليبيا للاتصالات من إيصال الخدمة إلى المشترك)، لتؤثر سلبا على معطيات معادلة التسعير، هذا التأثير الذي ربما كان مقصودا للحد من إقبال الليبيين على استخدام الإنترنت لأسباب سياسية بحتة، إضافة للحد من استخدام الشركة للبنية التحتية المخصصة للاتصالات الهاتفية سابقا.
  2. عدم إعداد ليبيا للاتصالات والتقنية لدليل إجراءات عمل ووصف وتوصيف إداري وفق أسس وأطر سليمة، وهذه أهم الطوام التي ستوسع دائرة الكوارث الداخلية لاحقا.
  3. استخدام (التعامل الأُسري-الودِّي Family Business ) كأسلوب ارتجالي للعمل، استثمرت فيه الألفة بين الموظفين الذين لم يتجاوزوا العشرات في سني العمل الأولى، قبل أن يزداد عددهم وتقل الروابط بينهم طبقا لقاعدة: الكثرة تحرم الود.
  4. عدم الاهتمام بإنشاء قنوات تواصل وتغذية رجعية مع المشترك.
  5. عدم إعارة خدمة ما بعد البيع اهتماما حقيقيا.
  6. عدم تقرير بُعدٍ محددٍ لنشاط الشركة، إما تنمويا لإيصال الخدمة كحق لكل مواطن، أو تجاري لإيصال الخدمة إلى النقاط المجدية تجاريا، الأمر الذي سيربك وضع الشركة المالي مستقبلا.
  7. كامتداد طبيعي لسوء التخطيط الداخلي وغياب الوصف والتوصيف وإجراءت العمل، جاء تأسيس علاقة الشركة بوكلاءها مشوها، فلا شراكة متينة بين الشركة ووكلاءها، لا حقوق ولا واجبات محددة قابلة للمتابعة، ليعتبرها الوكيل شروطا مجحفة بعضها ما يزال ساريا حتى الآن.
  8. انعدام ثقافة الاستهلاك وغياب أجهزة فاعلة لحماية المستهلك سواء ضمن مؤسسات الدولة أو بشكل مستقل، وجد المشترك نفسه يعاني جهلا وغيابا شبه كلي لحقوقه وواجباته تجاه الشركة والوكيل.
  9. يحتسب للشركة في هذه المرحلة تفردها باهتمام استثنائي بموظفيها عبر مزايا وتدريب، رغم نسبية هذا الاهتمام المركز على الطواقم الفنية دونا عن بقية الطواقم الإدارية والمالية والتجارية.
  10. انحصار سلطة القرار بيد محمد القذافي ورفاقه، الذين تميزوا عن بقية أشقاء محمد ورفاقهم بميزة مهمة تفسر الفارق النسبي لصالحهم: العمل في مجال الاختصاص.
هل كانت الشركة حاضنة لتولية محمد القذافي سدة القطاع مستقبلا؟ لا أستطيع الجزم بهذا يقينا، وإن كنت أرجحه، فالقذافي ما كان ليثق في إدارة قطاع حيوي مثخن بالمحاذير الأمنية كقطاع الاتصالات من آخرين مع وجود ابنه، يؤكد هذا الترجيح استحواذ الشركة العامة للبريد على أسهم ليبيا للاتصالات والمدار الجديد فور تربع محمد القذافي على سدة مسؤولية القطاع سنة 2002.



منذ استحواذ الدولة وحتى تدخل سيف الإسلام في مجريات القطاع:

  • عندما استحوذت الشركة العامة للبريد على شركة ليبيا للاتصالات والتقنية، قام محمد القذافي باستثمار جزء من مقدرات الشركة العامة للبريد لصالح مشاريع ليبيا للاتصالات، وإذا ما وضعنا حيثيته الشخصية باعتباره ابن للقذافي ضمن معادلة أداءه، مع بداوة التجربة وغياب المؤسساتية، أمكننا تفهم عدم اهتمامه العميق بالجودة الشاملة للخدمات، من بُنى تحتية، طرفيات، وخدمة ما بعد البيع من دعم للمشتركين سواء مباشرة أو عبر الهاتف، مع عدم وجود أجهزة رقابة ومحاسبة قادرة على العبث مع عش الدبابير، مع ضرورة الاعتراف بوجود رؤية ما أعتقد أنها تميز محمد دونا عن أبيه، يرى فيها قطاعا مزودا ببنى تحتية جيدة، وتقنيات اتصالات منوعة، يشهد على هذا ما تركه وراءه من مشاريع للبنى التحتية وكوابل بحرية وتقنيات اتصالات سلكية ولاسلكية آخرها خط سلفيوم الرابط بين ليبيا واليونان والذي تم تدشينه مؤخرا، لكن يبدو أن هذه الرؤية لم تطال جودة تقديمها وإدارتها.
  • إداريا، أدى تنامي أعمال الشركة إلى تورم حجمها دون تخطيط سليم، لينمو عشوائيا واجتهاديا مسببا تقاطعات في الاختصاصات بين الإدارات والأقسام سبب إرباكات عدة مازالت تؤرق ورثة الشركة حتى الآن.
  • الطفرة الاستثنائية في هذه الفترة تمثلت في التحضير لميلاد شركة ليبيانا سنة 2004 من رحم ليبيا للاتصالات والتقنية، التي تم إرساء عطاء تنفيذها فنيا على شركات صينية بتوجيه مباشر من القذافي لاعتبارات سياسية بحتة.
  • شهدت هذه الفترة أيضا ميلاد خدمة أي دي إس إل سنة 2005، لتؤذن بانطلاق سني الديون والخسائر من الآن فصاعدا، وكنتيجة طبيعية لتغييب مصلحة المشترك المرسلة من حاضرة ذهن التخطيط، ولدت الخدمة مشوهة بعاهات خطيرة أهمها:
  1. حصة شهرية محددة.
  2. إكراه على تجديد الاشتراك الشهري سواء انتفع المشترك الخدمة أم لا.
  3. إكراه المشترك على التجديد حتى في حال توقف خط الاشتراك الهاتفي لأسباب قاهرة متعلقة بنشاط الشركة العامة للبريد.
  4. عدم توضيح علاقة قرب أو بعد المشترك عن المقسمات بإمكانية استفادته من الخدمة، وتورط العديدين باشتراك عديم النفع لهذا السبب.
  5. عدم التخطيط لتطوير مركز خدمات مشتركين يتناسب طرديا مع تنامي الخدمات ليحتوي المشتركين الجدد ضمن مظلته التي ظلت صغيرة متواضعة غاب عنها الاحترافية والتدريب حتى هذه اللحظات.
  6. عدم استقلال الشركة بقرارها طيلة هذه الفترة، بل ظلت مرتبطة بحبل سُري مع محمد القذافي المسؤول عن القطاع بأكمله، لتنشأ علاقة ظلت مشوهة تتجاذبها مصالح المقربين منه، كما أسفر توسع قاعدة اهتماماته عن انحسار اهتمامه المباشر بالشركة، مع احتفاظه بخيوط لعبتها دون تفويض للصلاحيات.
  • يحتسب لأحد رفاق محمد سعيه من أجل استعادة حق إدارة اسم النطاق الوطني الليبي بعد صراع مع مستثمر أجنبي أدار حقوق التسجيل في غياب مطالبة رسمية من الدولة لإدارته.
  • تذبذب تمثيل الشركة في المدن الرئيسة ما بين فروع ومكاتب للخدمات بصلاحيات محدودة، وللإنصاف، فإن المنطقة الشرقية تدار من قبل مكتب ممثل للشركة بصلاحيات لا ترتقي لتعالج متطلبات المنطقة الواسعة التي يعنى بها، ومازالت هذه المعاناة مستمرة حتى الآن.
  • وعلى استحياء، تم استحداث قسم مخصص للدعاية والإعلان للمرة الأولى سنة 2005، دون تخطيط أو توصيف لإجراءات عمله، ربما ليترجم ولأول مرة نية ما للتواصل مع المشتركين دون تحديد الكيفية، ولا تتناسب هذه المبادرة إطلاقا مع الاعتقاد بأن الشركة تقر مبدأ: "خوذ وإلا خلي" كقاعدة أزلية للتعامل مع المشترك، لكنها لم ترتق إلى حد نفي المبدأ بشكل قاطع.
  • شهدت هذه الفترة التحضير لإطلاق خدمة أخرى، هي خدمة وايماكس، التي غابت معايير الجودة الشاملة أيضا عن خطط إطلاقها، لترهق من تم إسناد وظيفة إدارتها كمشروع بمهام لا تمت بصميم عمله بشيء، وتنتهي بإقصاءه من وظيفته نتيجة عدم قبوله تدخل رئيس مجلس الإدارة نجم عنه الإضرار بجوانب فنية مرتبطة بالمشروع.
  • كما لم تخرج الشركة حتى الآن من مأزق إيجارات التراسل، ولا بوادر مطمئنة بشأن معالجة الديون التي باتت تتفاقم نتيجة الإقبال على مشاريع عديدة، لتضاف كارثة أخرى إلى رصيد النوائب: منظومة اشتراكات جديدة أثبتت عقمها مستقبلا، وبينت أن الخبرة التقنية وحدها لا تكفي لتأسيس تعاقد محكم، وما تزال هذه المنظومة ترهق مخططات الشركة لتحسين الخدمات بقيود أهمها انعدام قابلية التطوير إلا بصعوبة بالغة حتى على جهة التنفيذ، كذلك حدوث أخطاء في المنظومة لم يتوقف المشترك عن الاعتقاد بتعمد إحداثها وسط التجاهل شبه الكلي له من قبل الشركة.
  • وسط بيئة عمل تتسم بالعشوائية والإرقال عموما، تداخلت مصالح محمد مع إخوته المعتصم وسيف لتنعكس على القطاع عموما، وشركة ليبيا للاتصالات خصوصا، ولتؤدي إلى الإطاحة بتوفيق خالد عن سدة إدارة ليبيانا أولا، ثم ليبيا للاتصالات بعد زمن قصير، ليحل محله مسؤول جديد أدرك أن وجوده واستمراره مرتبط بمقدار حذره والتزامه بتنفيذ سياسات القطاع.
  • خلال هذه المرحلة، استطاع المستشار الفني الاحتفاظ بالشركة بمنأى عن المساس بحريات المستخدمين وأمنهم، رغم وجود مشاريع مرشحات استخدام اختيارية للراغبين، الأمر الذي دفع بعبد الله السنوسي وأجهزته الأمنية إلى الاستعانة بالخبرات الفرنسية من أجل تثبيت منظومة (إيجل) المتخصصة في التجسس على حسابات المشتركين خارج أطر منظومات ليبيا للاتصالات، هذه المنظومة التي حولت مشتركين عدة إلى أسماء ضمن ملفات كئيبة قبيحة، هذه المنظومة التي ما يزال مصيرها مجهولا عندي في الوقت الحالي.
  • لم تتوقف المبادرات الفردية الداخلية من أجل النهوض بمستوى جودة الخدمات، لكن هذه المبادرات كانت دائما تصطدم دائما بواقع الشركة غير المنظم وغير المستقل، والذي يتخذ من تحقيق توجيهات صانع القرار في القطاع، غاية أعلى.
  • جدير بالذكر أن الشركة منذ نشأتها وحتى والوقت الحاضر، لم تتلوث بمكتب للجان الثورية ولا بأنشطة من هذا النوع، والطريف أن صورة القذافي نفسه لم تجد طريقا لها إلى المبنى إلا سنة 2010 بعد ملاحظة من زائر من العيار الثقيل.
  • كما يجدر بالذكر أن مطبوعتها منقطعة الصدور (مجلة ليبيا للاتصالات والتقنية) كسرت أطر المطبوعات المحلية المقولبة، وخلت من مظاهر التطبيل والتزمير للقذافيين الأب والإبن، قبل أن تتوقف عن الصدور لأسباب إدارية محضة.

منذ تدخل سيف وحتى غداة الثورة:
  • خيوط الصراع الخفي بين الأخوين بدأت في التجلي لتضيف إرباكا إضافيا على القطاع، فلم يطل الزمن حتى أوجد سيف الإسلام وسيلة لاقتحام القطاع، عبرالشركة الليبية القابضة للاتصالات وتقنية المعلومات التي ولدت على أنقاض الشركة العامة للبريد المنحلة بسبب انتهاء عمرها الافتراضي وفقا لعقد تأسيسها، لتفكك إلى شركات عدة أدارت كل واحدة منها اختصاصا سابقا له، كشركة هاتف ليبيا، بريد ليبيا، الليبية للاتصالات الدولية، البنية، لتصبح شقيقات لسابقاتها ليبيا للاتصالات والمدار وليبيانا.
  • دور الشركة القابضة المدعومة من سيف الإسلام منح معارضي مصالح المقربين من محمد القذافي فرصة للنيل منهم، وتحديدا مستشاره الفني للشركتين، فأفرزت ولادة شركة الجيل الجديد كشوكة في خاصرة في ليبيا للاتصالات والتقنية، دون جدية في تأسيسها كمنافس حقيقي لها بهدف خدمة المشترك وليبدأ مسلسل التضييق والصراع البارد الذي وقع ضحيته كل من الشركة والمشترك، مع منح هذا المنافس الجديد مزايا استثنائية، فالبعد المقرر لعملها كان تجاريا محضا وغيرتنموي، وشبكة الألياف البصرية داخل مدينة طرابلس التي تشارف على الانتهاء كانت ستقدم لها مجانا على طبق من ذهب وفي أكثر المناطق حيوية، أما تنظيم الاتصالات، فقد ظل مرهونا بالأهواء دون تفعيل على الأرض.
  • زاد تفكيك الشركة العامة للبريد من إرباك كل شركات القطاع، فالكادر الوظيفي الفائض جعل القابضة تقيد طلبات التوظيف في الشركات التابعة، فلا تعيين بالشركات إلا من الفائض، رغم تعارض الاختصاصات المطلوبة مع الفائض، وخاصة فيما يتعلق بمراكز خدمات المشتركين التي تتطلب اشتراطات خاصة لم تتوفر في الفائض، ووقفت حجر عثرة في توظيف عناصر تدعم المراكز، دون تقدير من القابضة لتبعات هذا التجاهل الذي زاد من حالة الاحتقان بين المشتركين تجاه ليبيا للاتصالات، والذين وجدوا في فضاء الإنترنت، وعبر صفحات فيسبوك –الوسط الذي أطلق لفحات الربيع العربي- أول متنفس لهم، ليطلقوا صفحة لكارهي الشركة، ساهمت الشركة في تغذيتها بأعداد متزايدة نتيجة المعدل التراكمي لفشلها في حل مشاكلهم.
  • في مبادرات فردية تهدف إلى إذابة جبل الجليد بين المشترك والشركة، اجتهد بعض الموظفين في التواصل مع المشتركين عبر صفحة الكارهين وصفحات أخرى، بل وكادت هذه المحاولات تثمر في أحيان عدة، لتصطدم بتركيز إدارة الشركة على تحقيق توجهات صانع القرار، مع إغفال أهمية التواصل مع المشترك، الأمر الذي حصر دور قسم الدعاية والإعلان في تلبية الاحتياجات القرطاسية والإعلانية فقط، ويعجز عن أداء دور تواصل حقيقي يجعل منه قسما حقيقيا للإعلام والنشر وفقا لطموحاته.
  • رغم كل هذه الفوضى، نجحت بعض المحاولات في إطلاق قانون للاتصالات، قد أعجز عن تقييمه بشكل قطعي، وإن كنت أراه منظما إلى حد كبير للقطاع، وإن كان متجاهلا لمصالح شركات القطاع الخاص المحلي، وما يزال العمل بهذا القانون ساريا حتى الآن بسبب عدم صدور تشريعات لاغية، تجعل من أية قوانين معارضة لنصوصه من الحكومة والوزارة لاغية من الأساس، وتستوجب إعادة التشريع من حكومة منتخبة للمصادقة عليها من المؤتمر الوطني قبل أن تصبح بديلا شرعيا عن القانون الحالي.
  • مع مطلع 2010، تسببت رعونة المعتصم القذافي في تصدر فضائحه لصفحات يوتيوب واتخاذه مادة للتنذر، الأمر الذي دفعه إلى استثمار أذرعه التقنية للولوج إلى خوادم الشركة من أجل حجب موقع يوتيوب ومواقع أخرى كان نظام الجماهيرية يصنفها كتهديد أمني، ولم تستطع الشركة خلال هذه المرحلة أن توضح عدم تورطها في الحجب إلا من خلال تصريحات متواضعة كانت كافية للمتابعين والمعترضين، وعلى رأسهم الناشطة المثيرة للجدل غيداء التواتي، عبر الصفحة التي أسمتها لا لحجب اليوتيوب في ليبيا قبل أن تعيد تسميتها إلى لا لسياسة الحجب في ليبيا، وكذلك مراسل الجزيرة نت ومراسل ليبيا اليوم، الذين أدركوا عبر التواصل المباشر مع الشركة أن وراء الحجب قبضة أمنية عليا، ولكن هذه التسريبات كانت كافية لتقابل بتهديد غير مباشر لمصدر التسريب.
  • مركزية القرار، أسفرت أيضا عن ولادة خدمات غير ناضجة، كخدمة الألياف البصرية في مشروعها التجريبي بمنطقة حي الزهور، الذي فشل تجاريا رغم نجاحه فنيا، بسبب عدم قدرة منظومة الاشتراك الجديدة على استيعاب المتطلبات التجارية.
  • كذلك بقى مشروع الهاتف عبر الإنترنت حبيس التجارب الفنية بسبب تعارضه مع مصالح شركات الاتصالات الأخرى أولا، وعدم وجود نية حقيقية لإطلاقه من قبل صانع القرار.
  • لم يطل الوقت حتى طال التغيير مدير عام الشركة، ليتم استبداله بآخر، ترعرع في القطاع وتصدر سدة ليبيانا قبل أن يخرج من حسابات محمد القذافي ويعود ضمن حسابات سيف، وليبدأ العد العكسي على إرهاصات الثورة الحقيقية، لكن هذا لم يمنع إجراءه تحسينات مهمة تمثلت في إلغاء الإلزام بسداد رسوم اشتراك شهري أو غرامات تأخير لغير المستفيدين، وهي مشكلة أرقت بشكل كبير المستخدمين منذ تأسيس الشركة، كذلك اهتمامه وتركيزه على المشروع الوليد ليبيافون، الذي أولاه اهتماما استثنائيا بسبب توافقه مع خبراته المتراكمة كرئيس مجلس إدارة لشركة ليبيانا سابقا.
  • لم تتلطخ الشركة بسوأة التحضير لقمع ثورة بدأت تلوح في الأفق بعد نجاح الثورتين التونسية والمصرية في الإطاحة بالأنظمة الجاثمة على أنفسها، فهذه السوأة استأثرت الأجهزة الأمنية التابعة لعبد الله السنوسي عبر منظومة إيجل التجسسية، والتي تمثل قضية التجسس على خالد المهير أحد أمثلتها الشهيرة (http://online.wsj.com/article/SB10001424052970203764804577056230832805896.html)، ولكن حالة الاحتقان التي سادت الفضاء الحقيقي واتخذت الفضاء الافتراضي مطبخا للحشد عبر صفحة 17 فبراير، التي تم حجبها بدورها مع تحضير صفحات مضادة من مؤيدي الجماهيرية بمقابل أو بدونه اتخذوا التهديد السافر بالمواجهة الدامية ضد المؤيدين لليبيا، تدافع افتراضي جعل من الشركة المحتكرة للوسط الافتراضي عرضة لمواجهة داخلية أخلاقية قادتها سلبا أو إيجابا المسؤولين داخل الشركة.
منذ الثورة وحتى التحرير:

"نوضي نوضي يا بنغازي هذا اليوم اللي فيه تراجي"، نداء بكر أطلقه مبكراً شباب بنغازي لتنطلق الشرارة الأولى للثورة ميدانياً مساء الثلاثاء 15/02/2011 يصحبهم أ.إدريس المسماري الذي تعرفته عن قرب أثناء عملي مع صديقه أ.رضا بن موسى مديري المباشر في مكتب شؤون التدريب بمصرف الأمة وعاصرت القمع العنيف لعمله الجميل "عراجين" ولرابطة الأدباء والكتاب جراء تعرضه لملف المجتمع المدني في ليبيا، هذا النداء تابعته على الهواء مباشرة عبر شاشة الجزيرة، ولم أصدق أنه يحدث في ليبيا، لتجعل بدني مزارا لأحاسيس غير مسبوقة لم تدغدغني سابقا.

  • في تسارع ميلودرامي، وجدت المظاهرات والأحداث طريقها إلى الإنترنت، وهو ما كان يتحسب له نظام الجماهيرية ويخشاه، ليوجه تعليماته بقطع الإنترنت عن المنطقة الشرقية، وليحتسب لرئيس مجلس الإدارة وبعض الأطقم الفنية تعمدهم الاكتفاء بتخفيض السرعة دون قطعها بشكل نهائي في البداية، قبل أن تصدر تعليمات نهائية بتأكيد القطع لاحقا.
  • تجدر الإشارة إلى أن سردي التالي للأحداث داخل الشركة منذ 17 فبرار وحتى 10 سبتمبر هو نقل عن زملائي.
  • رغم سوداوية واقع الشركة خلال هذه الفترة ككيان اعتباري، وكبقية الليبيين، تباينت ردود أفعال الموظفين حيال الثورة، بين من قدم دمه فداء لها، ومنهم الزميل والصديق نور الدين اللطعي الذي نسأل له منزلة الشهداء، ومن شارك في المظاهرات وأصيب برصاص القمع كالزميل رضا معتوق، وأحمد العالم، وبين من تظاهر ونجى ببدنه وهم كثر يتعذر حصرهم، كذلك من ترك العمل بالشركة علنا، ويجب هنا ذكر حادثة غريبة تمثلت في إعلان العصيان المدني وترك العمل جاهر به العديد من الزملاء عبر بريد إلكتروني موجه لرئيس مجلس الإدارة والموظفين، ورغم جنونية الفعل الذي يعتبر دليلا حسيا لا يمكن تفنيده ضدهم، ومع هذا لم يجد البريد الإلكتروني طريقه خارجاً إلى الأجهزة الأمنية، وهي نقطة تحتسب لصالح رئيس مجلس الإدارة وكل من وصلته نسخة المراسلة في وقت كانت أرواح البشر أهون عند جماهيرية القذافي من أرواح الهوام.
  • كما يذكر أن العديدين من أبناء الشركة ضحوا بمراكزهم ووظائفهم ومزاياهم من أجل وطنهم وغادروا طرابلس ليلتحقوا بجبهات جبل نفوسة ولتتباين أوجه الدعم فنيا ولوجستيا وميدانيا.
  • كانعكاس للعلاقة الأسرية بين القذافيين الأب والإبن، وغياب إرادة مستقلة للشركة عن إرادة سلطة القطاع، رجحت كفة الاتصالات في ليبيا لصالح نظام القذافي، لتتمثل في أعتى صورها في:
  1. قطع الإنترنت كليا عن المشتركين منذ منتصف شهر مارس 2011 تقريبا وحتى التحرير.
  2. المشاركة في غرفة أمنية للاتصالات.
  3. تركيب خدمة الإنترنت لأجهزة دولة القذافي حصريا من "أمانات" و"قيادات شعبية" و"مكاتب أمن".
  4. توفير بدائل للاتصالات الهاتفية للكتائب في خطوط المواجهة مع الثوار.
  5. بالإضافة إلى تجاوزات خطيرة تنتظر تفعيل القضاء حتى تطرح إثباتها ويُنظر فيها، وملفات تحتاج أن تحسم، كملف لجنة من أجل الوطن، التي تشير الدلائل الأولية إلى تقديمها العون للأسر الموالية النازحة من المناطق الملتهبة، ولكن استفهامات حيال دور آخر لها يبرزه ما حدث لمقر اللجنة في شركة ليبيانا، الذي تعرض لحادثة سيتم ذكرها لاحقا، إضافة إلى ظروف مرتبطة بتأسيسها.
  • ومنذ هذه المرحلة، يمكن اعتبار محمد القذافي مساهما في قمع الثورة لتورطه المباشر في التجاوزات المشار إليها أعلاه، والتي توجها بضهوره الباسم أمام شاشات الفضائيات مع والده الذي تبادل لعب الشطرنج صحبة شريكه في الشطط رئيس الاتحاد الدولي للعبة الشطرنج، دون اعتبار للدماء التي تسيل من الطرفين، من الثوار، ومن المدافعين عن والده.
  • تباينت علاقة العصى والجزرة بين مجلس الإدارة والموظفين، من فتح لباب القروض الاجتماعية غير الربوية، وتقليص لأيام الدوام وساعاته، إلى إعادة تعيينات داخل الشركة على أساس الولاءات وفقا لتعميم صادر من البغدادي المحمودي، إلى الاجتهاد في تضييق الخناق على المنقطعين عن العمل وقطع مبكر لمرتباتهم، وانتهت بأنباء غير مؤكدة عن إحالة قوائم بالمنقطعين إلى القابضة لاتخاذ إجراءات لا يعلمها إلا من حاكها وكان طرفا فيها، إجراءات لم تتخذ بسبب تسارع الأحداث خلال الأيام السابقة للتحرير.
  • تقع تفاصيل إنجازات فرع بنغازي قبيل تحرير طرابلس في منطقة مظلمة لمعرفتي واطلاعي، ولكنها إيجابية الطابع إلى حد كبير، تتخللها نجاحات لربط المنطقة الشرقية بالإنترنت عبر مصر الشقيقة، لتقدم خدمات الإنترنت سريعا للجميع، من مشتركين، وكيانات اعتبارية وليدة كالمجلس الانتقالي والمكتب التنفيذي ومراكز إعلامية، هذا التقدم الذي تأخرت عنه منطقة جبل نفوسة لأسباب عديدة لست في حل من ذكرها، رغم حاجة الجبل الماسة لكافة وسائل الاتصال في تلك المرحلة، ورغم الاتصال المتكرر بين القائمين على الاتصالات في الجبل مع المنطقة الشرقية.
  • كما تقع إنجازات مسؤول ملف الاتصالات بالملف التنفيذي فيما يخص خدمات الإنترنت -الذي أصبح وزيرا الاتصالات في حكومة الكيب وحتى الوقت الحالي- في ذات المنطقة المظلمة لمعرفتي واطلاعي.
منذ التحرير وحتى انتهاء اللجنة المرحلة التسييرية:
  • لا أحد يعلم حقيقة ما جرى داخل الشركة قبل وخلال وبعد التحرير بيوم، واستفسارات عدة تطفو إلى السطح من أجل تفسير:
  1. توجيه تعليمات إلى الثوار الذين أمنوا الشركة بعدم تمكين أي إنسان من الدخول إلى الشركة باستثناء المدونين في قائمة قدمت لهم.
  2. اختفاء وسائط تخزين متصلة بكاميرات المراقبة من الغرفة المعدة بالخصوص.
  3. تعرض مكتب لجنة من أجل الوطن في ليبيانا إلى الاقتحام واختفاء المستندات من داخله.
  • رغم ادعاء رئيس مجلس الإدارة السابق بتوجيهه تعليمات من أجل إعادة الخدمات، إلا أنني قمت شخصيا بسؤال المعنيين الذين ضمنهم المعني في تقريره، وكانت إجابتهم كلهم بالنفي، لتؤكد قيامهم بإعادة الخدمات بدوافع ذاتية وطنية محضة دون انتظار تعليمات من أحد رغم ما اكتنف العملية من أخطار جسيمة.
  • منذ هذه اللحظة، انتهت علاقة الشركة والقطاع بأكمله بصناع القرار السابقين، ليحل محلهم لاحقا ورثة سيحصدون أمرين: سياسات قديمة وبنية تحتية متضررة، إضافة إلى علاقة كره تأصلت عند المشتركين.
  • الأمر الذي يسؤوني ذكره، مع اضراري لذلك، هو وصول مسؤول ملف الاتصالات إلى طرابلس ضمن طاقم المكتب التنفيذي، مع عدم إعداده لخطة مسبقة لتسيير للقطاع، رغم احتفاظه بموقعه كمسؤول عن قطاع الاتصالات دونا عن بقية زملاءه من المسؤولين الذين تم استبدالهم، هذا الاحتفاظ الذي كان متوقعا معه إعداده لخطة محكمة مسبقا.
  • لم تمضى سوى أيام معدودة قبل أن يتنادى الموظفون للاجتماع من أجل مناقشة مصير الشركة بعد التحرير، حتى لا تتوقف نهائيا عن العمل، هذا الاجتماع الذي كان أول أيام عملي بعد التحرير، والذي فوجئنا فيه باتهامنا من قبل أحد الزملاء بتهمة انحصار اهتمامنا في المناصب والمراكز لسبب بدا غامضا حينها.
  • عند عودة رئيس مجلس الإدارة لمباشرة عمله بالشركة، لم يكن مستساغا إطلاقا عند الموظفين عودته إلى العمل وكأن شيئا لم يكن، حتى في ظل فرضية اضطراره لتنفيذ توجيهات رؤساءه السابقين، إلا أن مسؤولية أدبية مشابهة لتلك التي تدفع المسؤولين في العالم أجمع إلى ترك مناصبهم عند حدوث خروقات أو كوارث أثناء فترة توليهم سواء بقصد منهم أو بدونه، ولم يطل الوقت حتى تنادى الموظفين من أجل الاعتصام لغرض إقالته من منصبه كرئيس لمجلس الإدارة، هذا الاعتصام الذي آتى ثماره لاحقا، ليدفع مجلس الإدارة فيما بعد ليتقدم بشكوى رسمية إلى النائب العام متهما 60 شخصا انتقاهم ممن اعتصموا ضده ليلاحقهم قضائيا، في سابقة فريدة باشرها القضاء غير المفعل قبل أن تتوقف لاحقا، الغريب أن قائمة الستين تضمنت أشخاصا اعتقلهم نظام القذافي ولم يروا النور إلا بعد التحرير، وآخرين أعلنوا مواقفهم صراحة ضد النظام منذ اندلاع الثورة فتوقفوا عن العمل، بل ومنهم من أشاد بهم رئيس مجلس الإدارة شخصيا في قائمة الثوار التي أعدها بنفسه. 
  • إن هي إلا أيام، حتى تمت إقالة مجلس إدارة الشركة الذي تولى إدارة ليبيا للاتصالات وليبيانا خلال الأحداث، لإحلاله بلجنة تسييرية مكونة من خمس موظفين من داخل الشركة تصدرها اسم الزميل الذي اتهمنا بالسعي وراء المناصب سابقا، هذا التعيين الذي فتح الباب أمام استفسارات لا تنتهي بشأن حيثياته ودوافعه ومعاييره، استفسارات تطورت إلى حد تنظيم مذكرة احتجاج واضحة، تم انتخاب مرشحين من الإدارات لعرضها على مسؤول ملف الاتصالات ونقل إجاباته بالخصوص إلى الموظفين، الذين أحسوا أن التفريط في فرصة تطبيق المعايير في العمل قد تضيع إلى الأبد إذا تراخوا وعادوا إلى سياسة القبول بالأمر الواقع كالسابق.
  • على الرغم من التزام الموظفين بانتهاج أرقى السبل الحضارية في الاعتراض، عبر مذكرة واضحة لم تغفل مصلحة المشترك، ولجنة تحاور منتخبة من الموظفين، دون تفكير في اللجوء إلى التهديد بأي صورة كانت، إلا أن الردود كانت أكثر غرابة من المتوقع، فالوزير ركن أولا إلى الوطنية كمعيار لاختيار الأشخاص، وهو معيار غير قابل للقياس، الأمر الذي اضطره بالنهاية إلى الاعتراف بأن الوقت كان ضيقا جدا أمامه للاختيار، وأنه أوكل الأمر إلى الزميل الذي قام باختيار نفسه إلى جانب زملاء شاركه بعضهم العمل في ذات القسم سابقا، وأن الوطنية تحتم على الموظفين التعاون مع اللجنة في الوقت الراهن وسط التحديات التي تحيط بالبلاد، ورغم عدم اقتناع الموظفين بالأعذار، وتقديمهم لقترح بمعايير صالحة لاختيار لجنة من داخل الشركة يقبل الجميع بالتعامل معها، إلا أن المقترح تم رفضه من قبل م.خالد العيساوي وم.مجدي الشيباني حفظا للوزارة من تداعي أحجار الدومينو حتى لا تكون سابقة تتكرر مستقبلا من شركات القطاع، مع وعود بتحجيم عمل اللجنة، وعودة الموظفين إلى أعمالهم الطبيعية مستقبلا، وأن اجراءات ستتخذ قريبا لتعيين مجالس إجراءات بإشراف شركة استشارية متخصصة ستخضع المتقدمين لامتحانات قبول تفرز الكفاءات الصالحة لإدارة شركات القطاع، وتأكيدهم أن جميع من في اللجان التسييرية في القطاع بلا استثناء لن يكونوا جزءا من مجالس الإدارات مستقبلا لأنهم جاؤوا من أجل الوطن أولا وأخيرا دون أطماع في مناصب ولا كراسي،الأمر الذي شكل عاملا مطمئن نسبيا للموظفين، فعادوا إلى أعمالهم.
  • لم تلبث الأيام أن حملت لهم مشاكلا عديدة مع اللجنة التسييرية، التي انتهجت سياسة التصعيد وسيلة للتعامل مع قضايا الشركة، تطورت لتصل حد الاحتقان ورفض الأوامر بسبب الخلل في ترتيب اللجنة لأولويات العمل، دون افتراض لسوء النوايا من قبلهم، لأن الظرف الذي جاؤا فيه كان استثنائيا، ودورهم أيضا لا يتعدى محاولة استعادة الخدمات إلى ما كانت عليه، وجلهم وجد نفسه مسؤولا دون خبرات إدارية مساندة، ناهيك عن إدارة أزمة.
  • لم ينس المشترك الإساءة السابقة له من قبل الشركة، ليجد في مساحة الحرية بعد التحرير متسعا لصوته ونصه، فألهب الشركة نقدا ولذعا تجاوز حدود المنطق في أحيان عدة، هذا التجاوز يبين تجاهل المشترك لحقيقة أن المسبيين لمعاناته سابقا قد ولوا إلى غير رجعة، وأن الشركة تحاول الوقوف على أنقاض من البنية المتضررة والديون الثقيلة والسياسات أحادية التوجه، ولم تفلح محاولات التخاطب مع المشترك.
  • يحتسب للجنة التسييرية محاولتها التقليل من حدة نقمة المشتركين ضدها، عبر تمديد فترة الاستخدام المجاني دون حصة الشهرية، لكن الشركة التي بقيت لمدة سنة تقريبا دون عوائد أو سيولة، كان لا بد لها من أن تحاول التقاط أنفاسها، التي لم يسمح لها تدافع المشتركين بالتقاطها.
  • وبدافع النوايا الحسنة، حاولت اللجنة التسييرية أن تتواصل مع الجميع من مشتركين ووسائل إعلام (https://docs.google.com/document/d/13XexoswM1dC5uQR6DNrFiVYmUnMS3zOCCpcT6uRcJns/edit)، كما قدمت وعودا للمشتركين بتقديم باقات منوعة للخدمات خلال سقف زمني، هذا الوعد الذي اصطدم بواقع المنظومة العقيمة التي نفذتها شركة صينية انتهت فترة الدعم المتعاقد عليها معها، وكان من الممكن تفادي هذا النوع من المشاكل إن كان اتفاق التعاقد والتنفيذ يشمل منح الشركة النص البرمجي المصدري لها، لكن تجميد أرصدة الشركة ومحدودية صلاحيات اللجان التسييرية، إضافة إلى تردد الشركات الصينية في العودة وسط المحاذير الأمنية، أضافت المزيد من العراقيل أمام تحقيق هذه الغاية، وهو ما يتوقع للمشترك أن يتفهمه.
  • كما حاولت الشركة أن تتواصل مجددا مع وسائل الإعلام والمشتركين (https://docs.google.com/document/d/1JjDra7gzpBA3ivsRZotxuPKEPcIWlEcGMuA3B7x4LZE/edit)، ولكن اصطدمت هذه المحاولة أيضا بحائط عدم التفهم، وسوء إدارة المرحلة داخليا.
  • ومع تقدم الزمن، تفاقمت الخلافات بينها وبين الموظفين الذين وقعوا بين مطرقة اللجنة وسندان المشتركين، لتصل حد الانفجار مجددا، ليعود الموظفين لتنظيم أنفسهم وتقديم مذكرة جديدة (https://docs.google.com/file/d/0BxwHxDJZeNDAZmMyMjJjY2ItNjZkNC00ZTg0LTkwZDctMzA0YzMzMTFlODE3/edit#) مع تنبيه بعواقب تجاهل الجدول الزمني المحدد لها، كان من بينها السؤال حول سبب استمرار عمل اللجنة التسييرية بعد انتهاء المدة المحددة لها، وكذلك سبب عدم استدعاء إثنين ممن تقدموا بسيرهم الذاتية إلى البريد الإلكتروني المحدد لقبول الطلبات مع شكوك حول رفضهم على خلفية عضويتهم في لجنة التحاور، الأمر الذي وعدت الوزارة بالتحقيق فيه وأخلفته، وليبقى سبب تجاهلهم سرا مغلقا حتى الآن.
  • وعندما لم يتلقى الموظفون ردا بالخصوص، أقاموا أول اعتصام جزئي لهم أمام الوزارة بشكل سلمي غاية في التنظيم عبر لوحات وبيان واضح تم الإشارة إليه في حينه، قبل أن يتدخل فضيلة الشيخ الصادق الغرياني بطلب من الوزارة لمناقشة المطالب وفض الاعتصام مع وعد بتحقيقها.
  • لم تتوقف معاناة المشتركين من سياسات اللجنة التسييرية داخليا، ومن مشترك ارتفع سقف مطالبه وحريته، مع عدم تنفيذ الوزارة لوعودها التي أخلفتها بامتياز، الأمر الذي جعل الموظفين يصلون إلى مرحلة احتقان استثنائي أججه تجاهل الوزارة لكل المذكرات السابقة، ومع اعتماد الشركة القابضة لرئيس اللجنة التسييرية كعضو ضمن مجلس إدارة الشركة، رغم معرفة الوزارة مسبقا لتحفظات الموظفين حياله، تقدموا بمذكرة جديدة إلى رئيس مجلس الإدارة الجديد، الذي أعلن عدم مسؤوليته عن جزء من المطالب، الأمر الذي دفع الموظفين للإقدام على بادرة غير مسبوقة.
  • قام الموظفين بإقفال الشركة نهائيا وإعلان اعتصام مفتوح (https://www.facebook.com/AtsamMwzfyLybyaLlatsalatWaltqnytMnAjlLybya) أعلنوا عن مطالبهم فيه مثلما أعلنوا عن عدم استجابتهم لأية تسويفات إلى حين تحقيق المطالب، ليأتي رد الوزارة بمثابة الصفعة التي صعدت من موقف المعتصمين عندما أعلنت تبرؤها من أية تبعات للاعتصام وعن استعدادها لمناقشة مطالبهم، وكأنها حديثة العهد بالمطالب وبمذكرة الاعتصام الأخير، وليمثل تصريح وكيل وزارة الاتصالات صفعة أخرى عندما أعلن أن المعتصمين لن يجدوا لهم مكانا في القطاع، وأنهم قلة غير مسؤولة، ليكون رد المعتصمين عنيفا جدا بدوره (https://docs.google.com/document/d/1Hjd06k1x4OEzj6VUNHBQDQDEEUeSFc1uielabKxykdU/edit) ويصل الاحتقان مرحلة حرجة حجبت معها أية فرصة للإصلاح، قبل أن تنجح مبادرات متبادلة في دفع الطرفين إلى الجلوس على طاولة الحوار للخروج من الاحتقان بمذكرة اتفاق جماعية وفقا للأعراف النقابية.

منذ استلام مجلس الإدارة الجديد وحتى الآن:

  • من الضروري الإشارة إلى وجود تهديدات خارجية تعرقل الخدمات لم تتوقف حتى الآن كسرقة كوابل الكهرباء المغذية لمحطات التغطية، التي تقطع الخدمة عن المشتركين، وأحيانا تتكرر مع ذات المحطة، دون وجود أية حماية رغم مراسلات الشركة المتعددة مع الجهات المعنية، ولعل أشهرها حادثة قطع الخدمة عن هوائي سوق الجمعة المجمعة الذي يغذي بدوره 15 هوائي، ولم تبرز هذه الحقائق سابقا بسبب اختلاف الرأي داخل الشركة بشأن نشرها أو التحفظ بشأنها باعتبارها حقائق مثيرة للقلق أمنيا.
  • كذلك تعرض مرافق الشركة للتوقف بسبب قوى خارجية مؤثرة تمنع الشركة عن إدارتها.
  • لا يملك الموظفون أية تحفظات بشأن طريقة اختيار رئيس مجلس الإدارة الجديد ولا ببقية أعضاء مجلس إدارة الشركة، باستثناء رئيس اللجنة التسييرية السابق الذي يعتبرون اختياره كعضو ضمن مجلس الإدارة تجاهلا مطلقا لكافة ملاحظاتهم بشأن طريقة اختياره وأداءه.

ويحتسب لرئيس مجلس الإدارة الوليد:

  1. إخراجه للشركة من حالة عنق الزجاجة التي تهددت وجودها خلال اجتماعها مع الجمعية العمومية الممثلة للدولة، فهذا الاجتماع ترتب عنه إيجابيات عدة، منها إعادة جدولة الديون، ورفع رأس مال الشركة، وهما خطوتان مهمتان جدا تسمحان بالالتفات إلى الشؤون الداخلية للشركة من أجل حلها.
  2. إعداد رؤيا واستراتيجية ترسم مسارا واضحا لعملها.
  3. تحضير رئيس مجلس إدارة الشركة لرؤيته الخاصة بشأن المشترك، هذه الرؤية التي شكلت جوهر اختيار القابضة له من أجل تولي الشركة، هذه الرؤية تضع المشترك في قمة أولويات الشركة، وتقلب مسار الشركة السابق رأسا على عقب.
  4. إخضاع الشركة للدراسة من بيت خبرة مختص توطئة لإعادة هيكلتها على أسس سليمة.

يمكن إجمالا تحديد المشاكل التي تمثل تحديا أمام مجلس الإدارة في التالي (بعضها باشر تنفيذه مسبقا مثلما أشرت سلفا):
  1. الوقوف على واقع الشركة بالتفصيل.
  2. التخطيط لاستراتيجية ورؤية جديدة للشركة، واحدة قصيرة المدى، وأخرى طويلة المدى.
  3. تقرير بعد محدد لعمل الشركة، إما تجاري، أو تنموي.
  4. إعادة هيكلة الشركة.
  5. إعداد وصف وتوصيف إداري لكل الوظائف.
  6. إعداد دليل إجراءات عمل لكل وظيفة.
  7. إعادة هيكلة وجدولة ديون الشركة.
  8. حل مشكلة أسعار إيجارات التراسل.
  9. صنع قنوات للتواصل مع المشتركين.
  10. دعم مراكز خدمات المشتركين.
  11. تفعيل المشاريع المتوقفة التي من شأنها تحسين مستوى الخدمات، كالمرحلة الثانية من مشروع ليبياماكس، ومشروع شبكة الجيل القادم (الألياف البصرية) التي ستشكل نقلة نوعية في خدمات الشركة.
  12. إعادة النظر في عقود الخدمات بأنواعها، سواء للمشتركين الأفراد أو الشركات لإخراجها من قوقعة عقود الإذعان إلى العقود المقبولة شرعا وقانونا.
  13. تقبل النقد عملا بقاعدة (الزبون على حق)، وإشراك المشتركين في مرحلة التحضير لصنع القرار ما أمكن.
  14. إعداد خطط تطوير الكوادر البشرية العاملة.
  15. تفعيل دور حقيقي غير ربحي للشركة داخل المجتمع ضمن إطار المسؤولية الاجتماعية.
  16. التفكير في كيفية تقديم الخدمات إذا ما تمت دسترة الإنترنت كحق مكتسب للمواطن الليبي.

كما أعلم يقينا استحالة:
  1. إحداث طفرات في الحصص الشهرية للمشتركين بسبب احتقان الشبكة الحالية غير القابلة للتطوير الموسع.
  2. الانتهاء من شبكة الجيل القادم قبل عشرة أشهر أخرى كأفضل تقدير بسبب المحاذير الأمنية التي تفرض على الشركة المنفذة قيودا إضافية.
  3. زيادة سرعة الخدمات، لسبب يتصل أيضا بواقع الشبكة الراهن.
  4. قبول المشترك لكل ما تقدمه أعلاه بسبب عدم ثقته في الشركة.
  5. استبدال منظومة المشتركين الحالية بمنظومة جديدة.

في حين أُبشر المشترك بالتالي:
  1. جاهزية الشركة لتقديم باقات عدة، منها 4 باقات لخدمة أي دي إس إل، و4 أخريات لليبياماكس، تضع في اعتبارها خيارات مناسبة لمحدودي الدخل، وإن كنت أحمل تحفظا حيالها بسبب خلوها حسب علمي من باقة غير محدودة.
  2. تحضير الشركة لخطة جيدة لتواصل مع المشتكر يتوقع ألا ينقطع.
  3. إجراء الشركة لتخفيضات تصل حتى 60% على خدمة ليبيافون.
ومن خلال تجربتي المحدودة في التعامل مع رئيس مجلس الإدارة، الذي أتاح لي الفرصة لأول مرة للتواصل معه، أعتقد أنه من الإنصاف منحه وقتا قبل الحكم على أداءه، رغم يقيني أن بوادر احتقان قريب من الموظفين والمشتركين تلوح في الأفق، تجعل من فرص التكهن بنجاح أو فشل مجلس الإدارة أمرا يصعب تحديده.

رسالتي إلى المشترك:
لك مطلق الحق في التعبير عن رأيك بالطرق المشروعة التي أتاحها لك الإعلان الدستوري في المادة 14، وكرهك للشركة مبرر وشرعي نتيجة علاقة إذعان مجحفة، ولكن يتوجب عليك أن تعقل بأن سبب معاناتك انتهى، وأن جني ثمار التغيير على صعيد الشركة سيستغرق وقتا مثله مثل القطاعات الأخرى التي تعاني من أجل النهوض، وما قطاع الكهرباء عنا ببعيد، مع نصحي بمتابعتك تغيرات الشركة عن كثب وترقب.

رسالتي إلى رئيس مجلس الإدارة:
كان الله في عونك ما دمت في عون بلدك.

تاريخ ليبيا للاتصالات والتقنية سيبقى دائما مجرد تاريخ، يعاد له لاستخلاص العبر.
أما الحاضر، فيحتاج إلى وضع الدرس المستخلص كمحفز، للانظلاق نحو المستقبل.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، إنه كان غفارا.