الأربعاء، 6 يونيو 2018

قطاع الاتصالات الليبي، في سطور

أسئلة كثيرة، ومغالطات أكثر، وتصور مبهم، يشوب الفكرة العامة عن قطاع الاتصالات الليبي، ربما ساهم غياب المواد توضيحية مبسطة من مؤسسات القطاع بأكمله في ضبابيته، ولهذا كانت هذه التدوينة، الموجهة بشكل أساسي للمواطن العادي، ووسائل الإعلام، عساها تبدد قليلا ما يكتنفه من غموض.

تحمل مفردة "اتصال" معان تسع كافة أشكال الاتصالات، سواء كانت ثابتة أو محمولة، هاتف أو إنترنت، وتشير بداهة إلى وجود شبكات اتصالات داخلية وخارجية، تضمن بقاء هذا الاتصال قائما بين المستفيدين، والعالم من حولهم، وهذا ما ستحاول التدوينة شرحه، عبر سرد حالات عملية للخدمات، بقصد تحليلها لاحقا فنيا وهيكليا.

الحالة الأولى:
يجري "مراجع" مكالمة هاتفية بواسطة نقاله، فهو يود الاطمئنان على صحة والدته "ميرة" التي تؤدي شعائر "العمرة" في السعودية، ترد والدته على اتصاله، يطمئنان على بعضهما البعض، يبشرها بولادة مولود جديد له، تذرف دموع الفرح من أجله، تطلب منه إرسال صورا للمولود، يتبادلان الوصايا حول شؤونه والدعاء من أجله.

الحالة الثانية:
يصل "مراجع" هاتفه بشبكة الإنترنت اللاسلكي المنبعثة من جهاز خدمة الجيل الرابع، يحيل صور مولوده إلى حساب شقيقه على منصة التواصل الاجتماعي، سيتكفل شقيقه بعرض الصور على والدته قطعا.

الحالة الثالثة:
يلصق "مراجع" طابع البريد على البطاقة البريدية التي تحمل صورة جميلة لمنارة "بنغازي" في الليل، سطر عليها لتوه عبارات ودودة لصديقه بالمراسلة "نصار"، لم ينس أن يودعها داخل فتحة تمرير البريد الجوي الموجودة في واجهة مبنى البريد (8)، مازالت هواية المراسلة محببة لديهما، ومازال أثر عثوره على بطاقة بريدية في صندوق بريده مفرحاً بالنسبة إليه.

ما يحدث فنيا في الحالة الأولى، تحول لنبضات الاتصال إلى إشارة تخرج من نقاله إلى شبكة مشغله (1،2،3) عابرة أثيرا بلا أسلاك إلى أقرب هوائي استقبال، يعيد توجيهها عبر بنية تحتية تختلط فيها الكوابل الأرضية المتباينة ما بين النحاسية والبصرية بنقاط التراسل والمحولات (4)، وتجد طريقها عبر بوابات عبور في الاتجاهين إلى خارج البلاد (5) في رحلة عكسية، إلى البنى التحتية لبلد الوجهة ومشغل هاتف الوالدة (9) حتى تصل من خلال شبكة هوائياته إلى هاتف والدته ليعلمها الجهاز بورود اتصال ابنها، وقد يحدث أن تكون هناك اتفاقية تجوال بين (2،3،1) و(9) تمكنها من تشغيل هاتفها المحلي في الخارج، ويتم احتساب التعرفة وفقا لنوع الاتفاق المسبق بين الشبكات والدول، وربما يتضمن أسعارا استثنائية تراعي هكذا مناسبات، كل هذا، في لمح البصر.

لا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للحالة الثانية، البيانات تنتقل من نقاله إلى جهاز الخدمة إلى شبكة مزود خدمة الإنترنت (1،2،3،4)، ليعيد توجيهها عبر مزود لخدمة الإنترنت (2،6) إلى بنية تحتية تختلط فيها الكوابل الأرضية المتباينة ما بين النحاسية والبصرية بنقاط التراسل والمحولات (4)، وتجد طريقها عبر بوابات عبور في الاتجاهين إلى خارج البلاد (5) في رحلة عكسية، إلى البنى التحتية لبلد الوجهة ومزود خدمة الإنترنت لشقيقه ليصل إلى نقاله الذي تشعره تنبيهاته بوصول الصور.

في الحالة الثالثة، يتكفل مركز الخدمات البريدية (7) بتمرير البطاقة البريدية إلى وسيلة النقل الجوي التي تنقلها إلى البلد الوجهة المدرجة على عنوان البطاقة، ليتكفل مركز خدمات بريدية بإحالتها إلى صندوق بريد الصديق.

في الحالات الثلاث، يمثل كل رقم، شركة من شركات الاتصالات، كالتالي:
1- شركة المدار الجديد، مشغل للهاتف المحمول.
2- شركة ليبيا للاتصالات والتقنية، مزود خدمة إنترنت ومشغل للهاتف المحمول.
3- شركة ليبيانا، مشغل للهاتف المحمول.
4- شركة هاتف ليبيا، مشغل للهاتف الثابت، مالك للبنية التحتية المحلية للاتصالات.
5- شركة الاتصالات الدولية الليبية، بوابة عبور الاتصالات الهاتفية الدولية والإنترنت.
6- شركة الجيل الجديد للتقنية، مزود خدمة إنترنت.
7- شركة بريد ليبيا، مقدم خدمات بريدية، كصناديق البريد والطرود، طوابع البريد، إيصال الرسائل بين الداخل والخارج.
8- شركة البنية، التي يفترض أن تمثل المالك الفعلي للعقارات التي تشغلها كافة شركات القطاع.

النقطة (9) تمثل شركة اتصالات أجنبية.

تعتبر الشركات الثمان شركات قطاع عام شقيقة، وتمثل استثمارا داخليا للشركة الليبية القابضة للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات التي تمتلك استثمارات خارجية أيضاً مملوكة كلها للدولة الليبية وتعود أرباحها إليها، تعد القابضة مسؤولة أمام الهيئة العامة للاتصالات التي تتابع نشاط القطاعين العام والخاص درءا للتعارض.

تعتمد شركات القطاع على بعضها البعض بشكل كبير لتقديم خدمات كل منها.

كما تعتمد شركات القطاع أيضا، على قطاعات خدمية أخرى خارجه، منها على سبيل المثال لا الحصر، الشركة العامة للكهرباء التي تؤمن الكهرباء لمقار الشركات وهوائيات الخدمات، شركات النقل والشحن البري والجوي والبحري، وكذلك الهيئة العامة للمياه، بالإضافة إلى وزارة الداخلية لتأمين مرافق القطاع الحيوي.

يشار إلى أن جودة كل خدمة، رهن بجودة الخدمات المرتبطة بها والمكملة لها، لتؤثر عليها سلبا أو إيجابا، وفقا لمفهوم الجودة الشاملة، دون أن يدرك أو يُعنىَ المشترك بهذا الارتباط.

السبت، 18 نوفمبر 2017

كمان (الجزء الثاني - نهاية أخرى)

كمان - 2

النهاية الثانية:

لطالما احترت في أمرين: من أين تأتي القريحة بالألحان؟ هل تجود بها خلايا الملحن الرمادية؟ أم أنها مجرد هوائي يلتقطها من بُعد آخرً، تأتي منه لتعود إليه بعد أن تغادر الآلة الموسيقية وتضمحل دون عتبة السمع الدُنيا لآذاننا؟

هذا الشاب لا يعزف، هذا الشاب يفتح بوابة نجمية تفصلنا عن عالم آخر، عالم يقف الزمن عند عتباته، فلا تستطيع التمييز؛ هل جاءت الألحان منه أم ذهبت إليه، ألحان تشكلت في هيئة المضمون، أرى أمامي وجه الربيع المرح، أراه حقا يقينا لا يوصف في مواجهتنا، باسما، بينما تختفي عوارض الشتاء في الأفق، لا بد أن الشتاء كان هنا قبل حضورنا، الألوان البهيجة تخترق وتلهب حواسي وإدراكي، الألوان ليست كالألوان، هناك ألوان تقع خارج طيف إدراك بصري، أدركها لأول مرة، ثمة أغان لم أسمعها من قبل مصدرها الغابات، رياح غربية رخية تهدينا أنساما عطرية، قلبي الذي توقف عن الحب منذ وفاة "جوزيفين" ينبض بالحب، هل يمكن أن ينبض بالحب للحب ذاته حتى في غياب محبوب؟

ثمة بلبل يتغنى كقيثار، هل رأيت مرجا يضحك من قبل؟ هذا المرج يضحك، نبادله الضحك، نعم، لم أكن وحدي، رفاق الرحلة يشاركونني هذه التجربة التي أعلم أنها ستنتهي بعد ثوان، فقصيدة "وجه الربيع المرح" قصيرة للأسف، نعم، ها هو سرب الطيور يرتفع عبر الغابات المسرورة، لا تتوقف بالله عليك، "كارل أورف" نفسه لم يبلغ هذا الحد، ولم يعلم أنه كان مجرد ناقل خبر نقف الآن شهود عيان عليه قبل أن...

عندما توقف الكمان عن الشدو، توقفت حواسنا معه، لم نمتلك القدرة على استخدامها، بعد أن دفعتها الرحلة إلى تخطي حدودها لتثقل إدراكنا بتداعيات لا تقل عن تداعيات الانفجار الكبير ذاته، كنا نلهث حقا، منتشين، رغم عودة أجسادنا إلى المقاعد، إلا أن أثر التجربة المنعش لم يتبدد بعد، نتبادل نظرات الذهول.

أما هو، فقد وضع الكمان جانبا دون أن يفتح عيناه، ارتفاع صوت تصفيق خافت لمن استطاع مغالبة إجهاده قبلنا، أكفف أخرى استطاعت مجاراته، لتضج قاعة الانتظار بالتصفيق، وجهه يحمر خجلا وهو يطرق رأسه، عدت إلى عناقه من جانب واحد، لم أستطع أن أتفوه بكلمة معه، استأذن متجها إلى دورة المياه، كالمسحور تبعته، يجب أن أقول شيئا له.

عندما وصلت إلى هناك، رأيته يقف جوار نافذة كان قد فتحها، لم يلتفت لي، سمعت صوته داخل رأسي:
- سنتحدث بشأن "جوزيفين" لاحقاً "هنريش".

قبل أن يطير بعيدا، نعم يطير، حرفياً، تاركا إياي وراءه متسائلا حول أمر آخر:
أي تجربة كنا سنخوضها، إن وقع اختياره على قصيدة "الحظ سيدة العالم"؟

هذه النهاية إهداء إلى الفارابي رحمه الله، الذي أضحك وأبكى وأنام مجلسا ليتركه بهدوء.
مراد بلال، ليلة جمعة، 17 - 11 - 2017

كمان (قصة قصيرة متعددة النهايات)

أُداعبُ أوتار الكمان بأسلوب النبر كعادتي، مُزَجِّياً وقت الانتظار في صالة المغادرة بمطار "فيينا"، الحيرة رفيقي الدائم تجاه من يتخمون أنفسهم بالحقائب وكأنهم يستعدون لمغادرة الكوكب أو الحياة، لماذا لا يكتفي الناس ببضعة أغراض، وستتكفل مواد التنظيف باستعادة بريقها كل مرة؟ وحده الكمان رفيقي على الدوام، الكمان الذي تعتق حتما بعد أن شدى مئات المرات بألحان لا تختلف عن الطائرة التي ننتظر أن نستقلها نحو السحاب، كلاهما يحلق بي بعيدا.

لم تفقد "أوركسترا برلين الفيلهارمونية" أَلَقَهَا عندي بعد، لا أزال أشعر وكأنني حديث العهد بها، لا زالت تثير الرعدة في أوصالي لتهتز لها أوتار كماني كلما انتظم عقد جوقتنا فيه، مازِلتُ أعشق بدن الكمان وروحه، بل وكل خدش فيه، ومنحنيات "ستراديفاري" الرشيقة بأجزاءها التسع وسبعين، أتألم كلما ترجم التقادم علاماته على أوتاره، أداعبها كمن يغزل الحرير بِحُنُو، بل وأعشق الرائحة المنبعثة من جوفه، لماذا تتبدد الرائحة من ذاكرتي ولا تحتل ركنا دائما فيها؟ قلبت الكمان لأنعش ذاكرتي برائحته مجددا ...

(لا يعلم كيف، ولكنه وجد الكمان يخضع لسلطان فيزياء خارجية استحدثها ارتطام طفل به، تحررت طاقة الحركة من الطفل ليكتسبها الكمان فينطلق من يده كعصفور يتوق للحرية، لا مجال لتوقع ما سيحدث للكمان، "إدوارد لورينتز" نفسه ما كان ليحدد مسار تحليقه ولا محل سقوطه، المشهد وقلبه يتوقفان، كمانه سيعزف أقصر ألحانه بعد ثوان ليتركه وحيدا، وجه والدة الطفل المذعور وأناملها تكمم فمها لا تزيد المشهد إلا كارثية.)

ناولني ذلك الشاب الشمال أفريقي الكمان، أَلْتَقِفُهُ وأضمه لي كمن يضم طفلا كاد أن يدهسه قطار، لولا هوسي الشديد بسلامته لغمرته بدموع الفرح، وضعتُ الكمان جانبا ووقفت لأحتضن الشاب وأغرقه بالدمع بدلا عن الكمان على سبيل الشكر، والدة الطفل ورفاق المغادرة شاطرونني الفرح، والحيرة والدهشة حول المعجزة التي التقط بها الشاب الكمان قبل وقوعه، لم يكن الوقت يسمح لتصويره، لربما سيفعل هذا لاحقا أحد مراقبي كاميرات المراقبة المنتشرة عبر المطار، الشاب يثير المزيد من شجني وأريحيتي بحياءه، لا يمكن أن أتركه دون أن أُجلسه قربي لأحادثه على سبيل الامتنان، صحيح أن هيئة الشاب وسلوكه تشيان باختلاف ثقافته ورساخة حاجز اللغة بيننا، وجدت نفسي أُتمتم مستحضرا رصيدا من عبارات شكر إنجليزية وفرنسية وإيطالية على أمل أن تصيب أحدها مستقبلات الاستيعاب لديه، عيناه الباسمتان تشيان بالفهم، مجيباً بالألمانية:
- لا داعي للشكر أرجوك، مازال بإمكانكما رؤية "وجه الربيع المرح" معا.

حالة الدهشة والإعجاب تنتشلني من الشجن الذي تملكني قبل قليل، متسائلا في نفسي: كيف يمكن لقريحة وحنجرة هذا الشاب أن تلوك الألمانية لغة كما يلوكها سكان مدينتي تحديدا؟ وثقافة عندما تعمَّدَ صياغة هذه العبارة ليشي بأن ثقافته تسع كلمات "كارمينا بورانا"؟ عيناه واثقتان خجولان كآري صميم، ولكنه ليس آرياً، عَقَّبت:
- فِعلا بعد أن كاد "لينتحب الجميع معي"، "هنريش".
- "جاد".

نعم، عيناه تشيان مجددا بإدراكه يقينا ما قاله وأجبته به، هل تتعدى معرفته مجرد الكلمات، من أنقذَ الكمان جدير أن يحمله، ناولتهُ له فتناوله باسماً وقد أدرك غايتي، مفردة متساءلة طرحها وعيناه تنظران صوب حافظة الكمان وكأنه يعرف الإجابة:
"سوردينو"!

انحيتُ ألتقطُ كاتم الصوت، متعجبا في قرارة نفسي؛ "كارمينا بورانا" غير جهيرة! 

هل يدفعه خجله الظاهر لاستخدام كاتم الصوت! بل ويعرف "سوردينو" أساسا؟

أنامله تثبت السوردينو على فرس الكمان، يريح ذقنه وكأنه "أندري ريو" ذاته، يسدل جفنيه لينفصل عن العالم من حوله كما ينبغي لأي خجول أن يفعل ليتملص من قيود الأنظار من حوله، قلبي يخفق في شدة منتظرا لونا بكرا لم أسمعه من قبل.

النهاية الأولى: خيره حط الكمان وناض؟
مراد بلال، عشية خميسية 16-11-2017

الجمعة، 20 مايو 2016

5+

خمسة أيام تقريبا، جسدت انعكاسا مباشرا لواقع مرير، منفلت أمنيا وإعلاميا وأخلاقيا، ساهم كل منها في إطالة معاناة جثمان الراحل د.عمر الرابطي فوق الأرض، قبل أن تحتضنه الأرض أخيرا بعد عصر الأربعاء 18/05/2016.




الجمعة، 13 مايو 2016، "النفس الأخير":
في الصباح الباكر، محافظا على ديدنه "المقدس" مثلما يصفه، أدار "عمر" محرك سيارته منطلقا نحو مسقط رأسه في الرابطة الشرقية، اللقاء بوالده وأشقاءه طقس لا يمكن تفويته تحت أي ظرف، لقاء يحمل سجالا مرحا معتادا بين أقطابه، في الطريق، تعود تزجية الوقت بالطرب، إما عبر مذياع سيارته، أو حنجرته، مكالمات عارضة تقطع وصل "السلطنة"، هذه المرة، من صديقه "رضوان الشيباني"، البدراني الطيب، الذي يضاهيه مرحا وتفوقا، كان عمر سعيدا جدا بعودة رضوان من ماليزيا حاملا شهادة الماجستير، حزينا لعدم إكماله مسيرة الدكتوراة التي توقفت بنضوب موارد رضوان الخاصة رغم تفوقه.
- وصلت للجامع يا رضوان؟
- مازال.
- خلاص وين توصل كلمني.
عندما ركن عمر سيارته بباحة منزل العائلة في الرابطة، لم يدر بخلده قطعا، أنه لن يرى شروق الشمس مرة أخرى، طوى الدرجات صعودا نحو المنزل، شاحذا سهام سخريته لينال من "ابراهيم" شقيقه الأكبر، الذي لا تطيب (الجلسة) إلا بسجال سخريتهما المتبادلة.
بضع اتصالات أخرى، أوصلت رضوان إليه، وكعادة عمر، رفض أن يتقاضى درهما نظير "ذَُكَّار التين" الذي سأله إياه رضوان، ولم ينس أن يجعل رضوان ذاته مادة لمرحه العابر، قبل أن يشيعه ويعود إلى حلبة السجال.
- عمر  (بلهجة مختلفة، رددها والده الحاج "سالم" هذه المرة).
- نعم يا سِيدي. (سيدي هي رديف مفردة "والدي" لدى أبناء الحاج "سالم" عند مناداتهم إياه).
- قداش حقه حوشك؟
- زوز مليون. (عمر مازحا).
- بيع الحوش يا "عمر".
- يا سِيدي مش لقيتوه وين معاش قدرنا نقعدوا في الرابطة؟
- بيع حوشك يا "عمر"، أو تزوج.
- نبيع الحوش خير.
تتابعت الأحاديث مبتلعة الوقفة العابرة، ليقفل "عمر" عائدا إلى منزله قرابة الساعة الثالثة مساء، فهو يشارك هذه الأيام في تحضير عمل فني سيطلق خلال شهر رمضان.
لم يعلم عمر ولا والده، أن حدس والده، لم يكن مجرد قلق، بل فراسة وسبرا وقراءة لغور زمن قريب جدا.

*****

وقت الفاجعة:
الطريق من مسقط رأسه إلى منزله في طريق المطار قرب الأحياء البرية، يمر عبر طريق "بوشيبة" الذي ينتهي ببوابة في الطريق الرئيسي العام (بوابة الهيرة)، ثم طرقا فردية خطيرة نسبيا (يلتمس روادها أمانا فقدوه نتيجة انعدام الأمان في طريق العزيزية)، مرورا السبيعة، فقصر بن غشير، وصولا إلى طريق المطار وبيته في نهاية المطاف، هذه الطريق تستغرق قرابة الساعتين كحد أقصى.
رَكِنَ عمر سيارته بباحة منزله عند السادسة كحد أقصى، وصل عمر إلى بيته، استبدل ثياب خروجه بثياب المنزل، ومنذ وصوله إلى المنزل، وحتى انقطاع اتصالاته بكل من حاولوا التواصل معه منذ صباح السبت، تدور أحداث الفاجعة التي أفضت إلى وفاته.



*****

السبت، 14 مايو 2016 (اليوم التالي):
رغم حرص عمر المستمر على إعادة شحن أجهزته النقالة، وهذا ما يجعلها بالتأكيد قادرة على استقبال المكالمات لمدة يوم كامل على أقل تقدير، إلا أن هواتفه ظلت مقفلة في وجه المكالمات الواردة منذ نهار السبت، وهو ما يعد مستغربا، ويشير إلى اقتران ظرف وفاته بسبب أفضى إلى إقفال هواتفه، لينتهي اليوم، دون حدوث تواصل بين أحد من أهله وأصدقاءه وبينه طيلة اليوم.

*****

الأحد، 15 مايو 2016:
الهواتف ما تزال مقفلة، القلق يستبد بدرجات متفاوتة بمحيط الجيران والأصدقاء، بقاء سيارته مركونة في الباحة، دون أية مؤشرات لوجوده بالمنزل، دفعت جاره المتوجس دوما، إلى الاتصال المتكرر بالابن البكر لشقيقته.
- عماد راهو سيارة خالك قاعدة وهو ما يردش عليا، شوفوه خيره.
هذا السيناريو تكرر في السابق، كان عمر يبدده عبر رده على ابن شقيقته معبرا عن عدم قدرته على الاستجابة لطرقات جاره بسبب التعب.
- فيه سيارة ثانية في جراجه قاعدة ولا مهناش؟ (سيارة شقيقه التي قام بركنها بالباحة يوم الخميس الماضي).
- لا مهناش.
- خلاص معناها خالي طالع فيها.
بذل "عماد" جهدا لتبديد مخاوف الجار ومخاوفه هو شخصيا دون جدوى، والحق أن إلحاح الجار نجح بالنهاية في تصدير القلق إليه، فاتخذ عماد خطوة، لم يكن يعلم أنها توطئة لتحقق أسوأ مخاوفه، لا لتبديدها، عبر مكالمة قصيرة لشقيقه المقيم في طرابلس.
- "عبد الرؤوف" برا شوف خالك توا.
برهة من الزمن، واستقرت إطارات سيارة عبد الرؤوف أمام منزل خاله، الباب الخارجي موصد، سيارة خاله تقبع في مكانها المعتاد، دخل المنزل، لا شيء غريب، رائحة مزعجة بشكل ما تنتشر في الجو، يزداد تركيزها كلما شق طريقه تجاه غرفة نوم خاله، دخل الغرفة ليطالعه جسدا مسجى فوق الفراش وقد دثر رأسه ب"بطانية" ثقيلة، حتى هذه اللحظة، ما زال عقله يفسر الرائحة كنتيجة تعفن بقايا عضوية من نوع ما، حتى هذه اللحظة، يأبى قراءة سطور المشهد.
- نوض يا خالي وانت راقد مخلي الدنيا معفنة.
ازداد اقترابه من الخال (النائم).
- خالي ياسرك من النوم.
لسبب ما، بات يعتقد أن المسجى أمامه ليس خاله، فقوام خاله النحيل، ولون بشرته، مختلفان عن هذا البدن، أشاح الغطاء عن الرأس، ليكشف عن وجه شخص غريب، لم تحل هدوء تعابيره دون استنتاج فقدانه الحياة، الجسد يحمل آثار كدمات متفرقة، لم يعد قادرا على ضبط نفسه، فانطلق يصرخ خارجا من المنزل، لم يعلم كيف ولا متى استطاع الاتصال بشقيقه "عماد".
- عماد فيه إفريقي مقتول في سرير خالي ومغطي ببطانية.
- أمشي طول لأول مركز شرطة وبلغهم، أنا توا نبلغ خوالي ونجيك.
بضع دقائق مع نقاله كانت كافية لتأسيس متسلسلة انشطارية، وبينما انطلق قاصدا منزل عمر، طالتني المتسلسلة عصرا من خلال شقيقي "منير"، صديق عبد الله.
- مراد سمعت بعمر؟
أفلح سؤال منير فيما أخفقت فيه هواتف عمر المقفلة في وجه اتصالاتي طيلة السبت وصباح اليوم (كي أستلم صور مشروع تخرجي سنة 1999، التي ظلت بحوزته منذ إقامتي معه في منزل عمه بمنطقة الدريبي، عدم هوسي بصوري جعلني أتجاهلها طيلة السنين الماضية حتى ذكرني بها عمر بنفسه مساء الأربعاء لنتفق على اللقاء يوم السبت أو الأحد لاستلامها).
- إن شاء الله خير يا منير؟
- مفقود، وحوشه فيه واحد ميت، وعويلته مشغولين عليه، بالله عليك كلم خوه عبد الله.
ثوان وجد فيها صوت "عبد الله" المضطرب سبيله إلى أذني.
- خوي مراد ماشفتش عمر؟
- آخر مرة شفته الأربعاء اللي فاتت في حوشه، خير إن شاء الله؟
-  جانا يوم الجمعة وروح لحوشه، لكن توا معاش لقيناه، حوشه لقينا فيه واحد ميت احتمال يكون مقتول، بالله عليك دور واسال صحابه.
- حاضر عبدالله.
وصل عماد بأقصى سرعة سمحت بها معادلة السيارة والطريق، سيارة خاله في مكانها، رجال الأمن كانوا قد سبقوه إلى المنزل الذي تغيرت صفته مؤقتا من منزل الخال إلى "مسرح جريمة"، قلبه يكاد يقفز من جوفه ليسبق قدميه نحو غرفة النوم، طليعة المشهد طمأنته رغم رهبة الموت، هذا المسجى لا يبدو كعمر، ورغم تدفق جنوني لأفكار بلا رأس أو ذيل، تقدم ليتأمل الجسد المجهول.
الميت يبدو نائما لولا انقطاع أنفاسه، ممتليء مقارنة بعمر، مضجع على ظهره، كفاه تختفيان خلف فخديه، هل هو مقيد؟ اقترب ليتحقق فوجده دون قيد، كدمات تنتشر في أنحاء جسده، ساقاه، صدغه، فمه، ثمة دماء على السرير، بقليل من الجهد تبين أن مصدرها أذن الميت، ثمة كدمة ظاهرة على جانب الرأس فوق الاذن، كدمة أخرى فوق الحاجب، مهلا، لماذا يبدو هذا الصدغ والجبين مألوفين، أقترب أكثر، هذا الأنف أيضا يوسع دائرة رعبه، لطالما تنذر بشأنه مع خاله، أمعاؤه تتقلص والرعب يتصدر مشاعره، تقلصت المسافة بين وجهيهما ليتفرس فيه تحققا، ليتراجع حتى الجدار ويقاوم تخاذل قدميه، اتصالات متكررة لم يعد قادرا على إجابتها لأن الإجابة أسوأ من عدمها.
بينما كنت منشغلا بتحضير كيفية التواصل مع شبكة أصدقاءه ورفاقه عبر الهاتف ومواقع التواصل، قاطعني اتصال د. علي البهلول:
- مراد نبي نسألك على خبر سمعته.
متوقعا مطابقة خبره لخبري سألته، شن سمعت؟
- الشيخ البهلول أبوعرقوب بعث مسج لادريس المناعي قاله فيها "عمر في ذمةالله".
واثقا من نفسي ومصححا له، أجبته:
- لا عليوة، الميت اللي في حوشه مجهول، عمر مفقود وخوه طلب مني ندور صحابه ونسألهم.
- متأكد؟
- 100%، مع هذا توا نزيد نتصل بيه ونرد عليك.
اتصال سريع بمنير:
- أيوة مراد؟
- منير كلمني علي البهلول وشكله سمع بالموضوع غلط، وعدته نتأكد ثاني.
- أنت وين مراد؟
توطئة يرفض عقلي تحليلها.
- شن منير؟
- شن وضعك تمام؟
- هو؟
- إيه.
- لا حول ولا قوة إلا بالله.
انتهت المكالمة التي جرت عفوا في حضور زوجتي وبناتي، كنت بحاجة لخلوة عاجلة بعيدا عن أعينهم المسمرة بي وقد فهموا تماما ما عجزت عن استيعابه.
شريط طويل يمتد منذ 94 وحتى الآن مر سريعا، ذروته 5 سنوات أقمت فيها معه،  و....
لا أعلم متى وردني اتصال من عماد قطع سيال الذكريات.
- عظم الله لكم الأجر يا عماد.
- أثابكم الله مراد، معليش بنهدرز عليك شوية.
- تفضل عماد.
- أنت تعرفه خالي كويس، تعرفه يرقد على ظهره؟
- لا، يا يرقد على جنبه يا بطنه.
- يغطي في وجهه لما يرقد؟
تذكرت نزاعي المتكرر معه لأنني كنت أفضل تغطية وجهي أثناء النوم خلافا له، الأمر الذي دفعنا أحيانا لاستخدام أغطية منفصلة لكل منا.
- لا.
- لقيناه راقد على ظهره ووجهه مغطي ببطانية.
- سامحني عماد وضعك يسمح نسألك؟
- تفضل مراد.
- شن سبب الوفاة؟ يعني كيف مقتول؟
- جسمه فيه ادمديمات، فراشه فيه عليه دم طالع من ودنه، حاجبه وفمه فيه عليهم زي الضربات، واللي قاتلينه خانبين نقالاته واللابتوب متعه وسيارة خالي.
- هل الحوش مفقوع؟
- لا، الباب الخارجي والأبواب والشبابيك طبيعيات، حتى الحوش مافيشي حاجة غريبة.
- معناها اللي قتله يعرفه، جاه واتصل بيه وعمر فتحله ودخله، وهذا علاش خذا موبايلاته باش يختفي معاهم اتصاله في سجل المكالمات.
- مزبوط.
- لا حول ولا قوة إلا بالله، وهو وين توا، وأمتى الجنازة؟
- في السبيعة، بعد تقرير الطبيب الشرعي تقريبا غدوة الجنازة.
انتهت المكالمة، وقشرة عقلي تسول لي النوم لأستفيق وأجد ما حدث مجرد حلم سببه عشائي المتأخر، لكن جانبا موضوعيا قبيحا من عقلي رفض نقيضه، فوجدت تسرية في موقع فيسبوك، بحثا عن نجيب ابن عمه، لأجد خبر مقتل عمر قد شق طريقه قبلي، بصورة فيها مبالغة وتهويل كالعادة.
استطعت التواصل مع نجيب ابن عمه وتعزيته، نجيب عضو تدريس بدوره في كلية الفنون، وحياتهما العملية تلتقي كثيرا مقارنة بأبناء عمومته، ورغم المأساة، سررت لما دونه أصدقاءه وزملاءه وطلابه، نصوص حصاد زرعه عمر بمرحه وبشاشته وشقاوته وكرمه، لا أعلم كيف مضت الليلة، كانت زوجتي قد رتبت إذن تغيبي الطاريء عن العمل مع زميلات يعرفنها بالشركة، تيسيرا لخروج مبكر تجاه الرابطة نهار الغد لأداء واجب العزاء، أخجلني تلقي العزاء من أصدقاء مشتركون يعلمون طبيعة وعمق العلاقة التي جمعتني به، من بينهم رضوان، وائل، فتحي، هشام، شاطرني رضوان الحرص والعناد على حضور العزاء مهما كانت الظروف، اتصلت بعبد الله لأنسق معه كيفية الذهاب معهم رفقة جثمان عمر بسبب جهلي دروب الطريق المرتجلة الملتوية نتيجة الظروف الأمنية، المرارة الكاملة ، سقانيها رده:
- عزاكم مقبول يا مراد، بالله عليكم ما تجوش، وبالله عليك بلغ صحابه ما يجوش وعزاهم مقبول، الأوضاع والطريق بالهون ومش ناقصة، إدعوله ربي يرحمه.

*****

الإثنين، 16 مايو 2016 (يوم عبثي):
في الصباح، كنت على موعد مع إسفاف جديد، هذه المرة، الرواية التي اعتمدتها وسائل الإعلام في تناقل خبر وفاته، مؤسسة على منشور أطلقه شخص مجهول بالنسبة لي، وصفه الإعلام بالصديق المقرب لعمر، يتحدث عن وقوفه على أسباب الوفاة بنفسه من داخل المستشفى التي استضاف جثمانه، واصفا وفاته بالطبيعية، معززا وصفه بمشاهدته الشخصية للجثمان، وبشهادة مدير مكتب الإعلام بالمستشفى، وزميل إعلامي له، رافقه في زيارته المتأخرة، منهيا منشوره بنصح دعوي باتقاء الله.
زاد الطين بلة، تقرير الطبيب الشرعي، الذي عزى الوفاة لسكتة قلبية طبيعية، متجاهلا إيجاد تفسير للكدمات أو الدم الخارج من أذنه، ناهيك عن ملابسات اختفاء مقتنياته وسيارة شقيقه، تكفل الباحثون عن ترسيخ الانطباع عن "الأمان" في طرابلس لأسباب اصطفافية، بتناقل المنشور، لا لرثاء عمر، بل لإخراس القائلين بالوفاة المدبرة، وكان لهم ما أرادوا، سواء من وسائل الإعلام أو المتابعين للحادث.
يقين أهله بوفاته غير الطبيعية، دفعهم لعقد العزم على كشف الحقيقة مهما كان الثمن، بدءا من تجاهل التقرير وتصريح الدفن، وتأجيل الجنازة إلى حين عرض الجثمان مجددا على طبيب شرعي آخر، هذا القرار، استنزف المزيد من الوقت والإجراءات، أطالت معاناتهم ومعاناة الجثمان.
- كيف حالك اليوم عبد الله.
- الحمد لله مراد.
- بنسألك على حال عمي سالم وخالتي فاطمة.
- والله ماقدرنا نقولولهم يا مراد، أنت عارف حالهم وربي يستر.
- لا حول ولا قوة إلا بالله، كان الله في عونك يا عبدالله.
- صحيت يا مراد.
أغلقت الهاتف مشفقا على عبدالله، ورغم ضيقي الشديد من إسفاف وسائل الإعلام وعدم موضوعيتها في تعاطي الخبر، إلا أنني لم أستطع إغراق عبد الله معي في هذا المستنقع، مكالمات عدة دارت بيني وبين نجيب وعماد ورضوان وفتحي، استطاع رضوان انتشالي من حيرتي نهائيا بشأن حضور الجنازة من عدمها وفقا لطلب عبد الله، فتواعدنا على الترافق معا فور انتهاء إجراءات الدفن الجديدة.
كالحبيس، ظللت أسطر وأحذف نصوصا للرد على "الصديق المقرب"، حالتي النفسية ماكانت لتسمع بنظم نص متزن، فانتصر الحذر والحكمة على الغيظ، عازما على إعداد رواية تجميعية أبنيها على الحقائق فقط، من مصادرها، مرجئا سجالي مع "الصديق المقرب" إلى الجنازة، التي توقعت حضوره القطعي لها.
اجترار لذكرياتي مع عمر، وإنكار دفين لوفاته، وغموض هائل يحيط أسباب نشر الخبر المضلل والتقرير الصادم، شكوك مرعبة -وضئيلة- حول وجود ارتباط ما بينهما، حجبا أفق اليوم، الذي لا أعرف حتى كيف انتهى.


*****


الثلاثاء، 17 مايو 2016، (الغروب الأخير):
المقربون من عمر -رحمه الله- يعلمون أن زيارته لهم في محل عملهم، لن تمر دون اكتسابه صداقات جديدة، وهذا ما حدث معي في محيط عملي، سواء بشركة ديجيتل، مرورا بمصرف الأمة، وانتهاء بشركة ليبيا للاتصالات والتقنية، لغرض في نفسي، قطعت إجازتي، متلقيا التعازي من زملاء العمل السابق والحالي، هاني ميكاط، رضا بن موسى، سالم الهدار، متباينو الأعمار والاختصاصات والمشارب، متفقون على حبهم له.
مكالمات معدودة، علمت من خلالها أن أسرة عمر، تابعت بصبر منقطع النظير، إعادة الإجراءات، التي بدا أنها ستطول، مناشير نجيب، بشأن الإعلان عن موعد الجنازة، ثم تعليقها دون الإعلان عن موعد جديد، ترجمت هذا الصبر عمليا.
على صعيد آخر، "صديقه المقرب"، وتحت وطأة الانتقاد الحاد، حذف منشوره السابق، ونشر منشورا جديدا، يعترف فيه "على استحياء"، بأنه مغرر به، وأن إدارة المستشفى تتحمل مسؤولية تصريحه السابق، ليعود إلى الخلط والتدليس بقصد أو بدونه، عبر حديثه عن زيارة أجراها إلى جار عمر، ذلك الجار الذي "يعير" عمر دجاجاته ليربيها له، دجاجات تكاد تنطق شكرا وعرفانا لمالكها الحقيقي "عمر"، الذي لم يمتلكها جاره يوما، وإن طاله الأجر نظير رعايته -أي الجار- لها عند غياب عمر، وليس العكس، هذه الرواية المغلوطة، فاقمت عندي الشعور بالأسى تجاه هذا "الصديق"، الذي يعمل إعلاميا دون أن يمتلك حس الصحفي الاستقصائي، الذي يتأكد ويتحقق قبل نشر مادته، لكن اعتذاره الهزيل -بالنسبة لي- ما كان ليعوض وأده لقضية مقتل عمر، التي طواها الإعلام على ضوء منشوره السابق.
بتقادم الساعات، العزاء الوحيد بالنسبة لي، كانت نصوص رثاءه من أصدقائه، عبد القادر اللموشي، طارق الرويمض، عماد خماج، المجموعة الخاصة بكل من كلية الفنون والإعلام، والجمعية الوطنية للمتفوقين والمواهب، عدا هذا، بدا جليا أن عمر، لن يستقر في مثواه الأخير هذا اليوم، وأنه على موعد مع شروق جديد فوق الأرض.


*****


الأربعاء، 18 مايو 2016 (الشروق الأخير):









الثلاثاء، 17 مايو 2016

سيرة عمر

أبتديء من حيث انتهى نص رواية رأفت الهجان للمؤلف صالح مرسي رحمه الله، من خلال حوار قصير جدا بين شخصين، وجدا نفسيهما وسط ركب مهيب يشيع جثمان البطل: 
"مين رأفت الهجان؟"

صديق راسلني على الخاص، عبر موقع فيسبوك، متسائلا عن عمر الرابطي رحمه الله، مستقرءاً وجود علاقة تربطني به من خلال ما رثيته به على حائطي.

فمن هو عمر الرابطي؟


مولده:
  • هو عمر سالم علي سالم المغيربي، من مواليد 31/12/1974، بوادي الحي، الابن الخامس لأب من الرابطة الشرقية، وأم من عائلة خلف بسوق الجمعة، طرابلس.
نشأته:
  • تميزت نشأة عمر من البداية بالنبوغ الفني، ولعل ترتيبه المتأخر في سلم الولادة بين أشقاءه، نأى به عن مسؤولية المشاركة في متابعة شؤون المزرعة الشاسعة، التي يديرها والده الفلاح المرح الواعي (بوادي الحي)، الذي تشرَّب منه أبناءه حسن خلقه وخفة دمه وحزمه، فامتلك عمر فرصة كافية ليطلق العنان لحنجرته وأنامله الذهبيتين، محاكياً ما تغنى به أساطين الطرب ببراعة مذهلة.
مسيرته التعليمية:
  • نضح إناء موهبته، فتوجه نحو المسار الطبيعي الذي يجمع الموهبة بالعلم، فملتحقا بمعهد جمال الدين الميلادي، متفوقا على أقرانه، ومقترنا بالترتيب الأول دوما، متوجا رحلة المعهد بحصاد الترتيب الأول على مستوى ليبيا سنة 1994.
  • تابع رحلة دراسته نحو الجامعة، ملتحقا بكلية الفنون والإعلام، قسم الفنون الموسيقية بجامعة طرابلس (الفاتح سابقا)، مكررا مسيرة النجاح والتفوق، وحاصدا بكالوريوس الفنون الموسيقية بتفوق سنة 1998.
  • بدأ مسيرته الوظيفية عضوا بهيئة التدريس بقسم الفنون الموسيقية (معيد) منذ 1999.
  • التحق بالدراسات العليا فور افتتاحها بجامعة طرابلس، فكان أول طالب يتحصل على درجة الماجستير بين كل الدفعات والتخصصات، حائزا الترتيب الأول بامتياز، عن بحثه في الغناء الشعبي (بوطويل) سنة 2003.
  • واصل دراسته العليا نحو الإجازة الدقيقة (الدكتوراة)، درس لمدة سنة في الساحة التركية، قبل أن ينتقل إلى الساحة السودانية، ويتحصل على شهادة الدكتوراة بامتياز مع مرتبة الشرف في ذات التخصص (بوطويل).
  • تقلد وظيفة عميد لكلية الفنون.
  • تقلد وظيفة رئيس قسم الفنون الموسيقية.
  • شارك في العديد من الأحداث والمحافل الفنية المحلية والعربية.
مسيرته الفنية:
  • امتلك الراحل حنجرة فنية رائعة، تنساب من خلالها طبقات الصوت بعذوبة، ينتمي ذوقه الطربي الخاص إلى زمن الفن الجميل، كمحمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، وصباح فخري، ووردة الجزائرية، مثلما اهتم وتابع الأصوات الطربية الحديثة كصابر الرباعي، شيرين، ذكرى محمد (التي تأثر بشكل كبير لمقتلها إلى حد الكآبة).
  • تتلمذ على يد العديد من رواد الفن والطرب والغناء، مثل الشيخ محمد قنيص، الفنان محمد خميس.
  • أجاد العزف على آلة البيانو، والكمان، وتفوق بلا منازع في العزف على آلة العود، امتلك وتميز باستخدم أول عود كهربائي في ليبيا.
  • شارك في العزف على آلة العود ضمن العديد من الفرق الموسيقية، سواء فرقة المالوف والموشحات، فرقة قسم الموسيقى بمعهد جمال الدين الميلادي، بالإضافة إلى امتهانه العزف ضمن فرقة الشيخ يوسف ناصوف، والشيخ البهلول أبوعرقوب ضمن فرقة بستان المادحين.
  • شارك في مسابقات عدة، منها مسابقة دبي للمواهب.
  • أنتجت قريحته ألحانا جميلة إلى جانب حسن عزفه وغنائه، وهذا ما ارتقى بموهبته إلى مرتبة الموسيقار، فلحن وعزف وغنى عمل بوطويل التراثي كجزء من رسالته للماجستير، ضمن نخبة اختارها لعمله من بينها الفنان محمد السليني والفنان الشيخ البهلول بوعرقوب ضمن فرقة بستان المادحين.
  • له أعمال فنية وطنية واجتماعية عدة قبل وبعد 2011.
خصاله الإنسانية:
  • منذ طفولته، تميز بخفة دم، وحضور النكتة، وقدرة من السخرية على الذات، بالإضافة إلى فصاحة وقدرة على التعبير.
  • امتلك فطرة وذكاء اجتماعيا هائلين، سهلا عليه اختراق القلوب والعقول بلا حواجز (ليبيون، وعرب، وأجانب).
  • كان حريصا ودقيقا في مواعيده.
  • يجيد الطهو بأنواعه، إلى درجة دفعت أحد مطاعم البيتزا الشهيرة في طرابلس لتقديم عرض عمل إليه.
  • تغنى أعمالا للوطن قبل وخلال وبعد فبراير 2011، بدافع من عاطفته الجياشة لليبيا.
  • حسه المرهف كان وراء اهتمامه بكل ذي فلدة رطبة، كان يهتم ويرعى الحيوانات الأليفة التي تحرس مزرعتهم، (عاصرت شخصيا تألمه لوفاة أحدها)، مثلما اهتم بتربية دواجن في منزله جنبا إلى جنب مع قطط تعايشت وتألفت مع الدجاج دون اعتداء بين بعضها البعض خلافا للمعتاد.
وفاته:
بعد مغادرته لمنزل العائلة في مسقط رأسه بالرابطة الشرقية يوم الجمعة 13/05/2016، لا أحد يعلم متى ولا كيف حدثت وفاته في منزله، ليتم اكتشاف جثته مسجاة على فراش نومه عشية الأحد 15/05/2016، وسط ظروف غامضة تتخللها ملابسات تعزز فرضية حدوث الوفاة بفعل فاعل.

-------------------------------------

المادة أعلاه، مشاع لمن أحب استخدامها أو تعديلها خدمة لذكراه رحمه الله.

-------------------------------------

المادة المختصرة التالية، هي عني وعنه:
تعرفته سنة 1994 خلال المخيم السنوي الثالث للمتفوقين والمواهب بمدينة الزاوية، استمرت العلاقة حتى خلال المرحلة الجامعية، لأسكن معه منزل عمه بمنطقة الدريبي منذ 1998 تقريبا وحتى فبراير 2003 تقريبا، صحبة شقيقه أحمد، وأبناء عمه أسامة ونجيب وفؤاد وحمزة، دون أن أشعر بأنني ضيف أو حامل لقب مختلف، تشاطرنا فيها حلوها ومرها، فرحها وترحها، تعرف كلانا على عائلة رفيقه عن قرب شديد، باعتباره جزء من العائلة، لا مجرد صديق لابنها، الزواج والارتباط العائلي الجديد هو ما جعل الارتباط الكامل يعود ليصبح جزئيا حسب ظروف ومتغيرات كلانا، دون تغير في طبيعة مشاعر الصداقة والأخوة، ليكون لقاؤنا عشية الأربعاء 11/05/2016 (قبل وفاته التقديرية مابين مساء الجمعة والسبت)، هو آخر لقاء يجمعنا على اتفاق بلقاء جديد، لعل المولى يحققه لنا في الجنة.

الخميس، 5 مايو 2016

العلامة التجارية لخدمة الجيل الرابع من شركة ليبيا للاتصالات والتقنية LTT4G - LTE

تم إسناد مهمة استحداث علامة تجارية لخدمة الجيل الرابع التي تعتزم الشركة إطلاقها، إلى قسم الإعلام والنشر بالشركة، تقدمت بالتصميم المرفق كمشاركة ضمن التصاميم المقترحة، ولم أتوقع أن يحظى بالموافقة والقبول من بين العلامات التي تم تقديمها.

للتصميم دلالات قمت بإدراجها ضمن مفتاح التصميم، لا أحتاج معها إلى مزيد من الشرح والتوضيح حسب تقديري.


الخميس، 19 مارس 2015

استبيانات ضمن رسالة الماجستير حول الإخراج الصحفي Questionnaires for my Master Research about Neswpaper Design

اسْتِبْيَاَنٌ عَنِ الإخْرَاجِ الْصِحَفي

هذا الاستبيان، يأتي ضمن أدوات بحث بعنوان: (الإخراج الفني للصفحة الأولى بالصحف الليبية، قبيل وبعد التحرير)، للباحث: مراد أعمار بلال، الطالب بكلية الفنون والإعلام، جامعة طرابلس، قسم الدراسات العليا، الفنون التطبيقية، لنيل درجة الإجازة العليا المتخصصة (الماجستير)، بإشراف البروفيسور: أ.د عياد أبوبكر هاشم.

يُعْنَىَ هذا البحث، بدراسة الإخراج الصحفي للصفحة الأولى، لصحف ليبية مختارة خلال فترتين، مقارنة بصحف معيارية، اجتازت بنجاح معايير الاختيار والمفاضلة لجمعية الإخراج الصحفي society for news design -SND التي تقوم سنويا بقبول عشرات آلألآف من الصحف، والاختيار فيما بينها.

يتكون مجتمع البحث (عينة البحث)، من 12 صحيفة، ست منها ليبية، ثلاث لمرحلة ما قبل الثورة، وثلاث لمرحلة ما بعدها، لم تخضع الصحف الليبية لتقويم جمعية الإخراج الصحفي، الست صحف الأخرى، خضعت لتقويم جمعية الإخراج الصحفي، فنالت إما تراتيبا متقدمة، أو إشادات تميز، وهذا ما دفع الباحث لاختيارها، ثلاث منها عربية، وثلاث دولية.

يهدف الباحث إلى تشخيص مكامن الضعف في الصحف الليبية، ليس بهدف الانتقاص من الصحف، بقدر ما يهدف إلى معالجتها على ضوء معايير جمعية الإخراج الصحفي، سواء كانت مكامن الضعف في أساليب الإخراج، أو أدواته، أو في القدرات البشرية وأساليب العمل.

المعني بالإجابة، هم جمهور عينة البحث على وجه خاص، فئة المخرجون الصحفيون، مشرفوا أجهزة الإخراج الصحفي، رؤوساء التحرير، وكل من ساهم في إجراء حراك طال المظهر الخارجي للصحف، مع إمكانية مشاركة أي راغب من ذات الفئات حتى وإن لم تنتمي مؤسسته الصحفية إلى عينة البحث.

تقتضي الضرورة والأمانة العلمية أن يقوم المشارك بتدوين اسمه والمؤسسة الصحفية التي ينتمي إليها، تعزيزا لمصداقية ومهنية البحث ومصادره، باعتبار المنتمين إلى الصحف، أصدق وأدق مصادر يمكن جمع بيانات عن الصحيفة من خلالها، مع هذا، يحتفظ الباحث بحق الموافقة على إدراج اسمه أو التحفظ عن ذِكره ضمن المتن، لأسباب تتصل بالخصوصية أو خضوع جزء من البيانات للسرية مهما كانت أسبابها، وهنا سيحترم الباحث إرادة المشارك والصحيفة، وسيكتفي فقط بالإشارة إلى البيان دون ذكر التفصيل أو المصدر، كما يتمنى الباحث ألا يطال تكتم المشارك، اعتذاره عن قبول إدراج اسمه ضمن قائمة المشاركين الذين سيتذكرهم الباحث ضمن من سيتوجه لهم بالشكر والتقدير نظير مساهمتهم في إنجاح البحث

إن نتائج الاهتمام بتعبئة هذا الاستبيان، تتعدى مجرد الدعم والمساعدة الإنسانية للباحث في شخصه، إلى مشاركة ودعم ومساعدة لبلد بأكمله لينهض بصناعة الصحافة على ضوء نتائج البحث، كذلك للمتابعين للبحث، من أكاديميين ومحترفي صناعة الصحافة، في ليبيا، وخارجها أيضا.

حفظكم الله، وسدد خطاكم في طاعته.

للتواصل مباشرة مع الباحث عبر بريده الإلكتروني: muradbelal@gmail.com

استبيان الإخراج الصحفي، النسخة العربية:

-----------------------------------------------------------------------------------------------

Questionnaire about Newspaper design

This questionnaire is among a number of tools under a research titled "Artistic design of Libyan newspapers' front page, before and after the Revolution", by researcher Mourad Ammar Belal, Student of the Faculty of Arts and Media, University of Tripoli, Department of Higher Studies, Practical Arts, to earn a Masters Degree, under Supervision of Professor Dr. Ayyad Abubakar Hashem.

This research focuses on the front page design of a number of selected Libyan newspapers over the two periods, in comparison to standard newspapers, that have me criterion set by the SND (Society for News Design), which annually accepts entries from thousands of newspapers to choose from between them.

The study sample consists of 12 newspapers, 6 of them Libyan, 3 from the era prior to the Revolution, and 3 from the era that came after it. The Libyan Newspapers haven’t been subject to SND evaluation. The other 6 newspapers have been evaluated by SND, and have earned either advanced rankings, or certificates of commemoration. That's why they were chosen by the researcher. 3 of these are Arabic, the other 3 are international.

The researcher aims to identify weaknesses in Libyan newspapers, not with the intent of slander but rather to improve in light of SND standards, whether these weaknesses are in design methods, tools, or in human capabilities and work methods.

For the sake of scientific integrity I urge the participant to please list his/her name and that of the journalistic organization he/she follows, in order to guarantee the credibility of this research and its sources, since those who work for newspapers are the most accurate sources to learn information about those newspapers from. Despite that, participants have the right to omit their personal information if they choose to for whatever reasons they deem fit, and this researcher will respect the desire of that participant or newspaper, and will only use their input without citing the source, hoping that secrecy of participants won't keep us from mentioning them among those we shall thank for the help in achieving this research.

Your active participation in this questionnaire goes beyond merely supporting its preparer to doing a favor for our national newspaper industry, and to the academics and newspaper industry professionals within the country and abroad who will benefit of this questionnaire's results.

You can contact the researcher on his email address:
muradbelal@gmail.com

May Allah bless and guard you all.

English version:

-----------------------------------------------------------------------------------------------

SND Judging Committee Questionnaire

This questionnaire is among a number of tools under a research titled "Artistic design of Libyan newspapers' front page, before and after the Revolution", by researcher Mourad Ammar Belal, Student of the Faculty of Arts and Media, University of Tripoli, Department of Higher Studies, Practical Arts, to earn a Masters Degree, under Supervision of Professor Dr. Ayyad Abubakar Hashem.

This research focuses on the front page design of a number of selected Libyan newspapers over the two periods, in comparison to standard newspapers, that have me criterion set by the SND (Society for News Design), which annually accepts entries from thousands of newspapers to choose from between them.

The study sample consists of 12 newspapers, 6 of them Libyan, 3 from the era prior to the Revolution, and 3 from the era that came after it. The Libyan Newspapers haven’t been subject to SND evaluation. The other 6 newspapers have been evaluated by SND, and have earned either advanced rankings, or certificates of commemoration. That's why they were chosen by the researcher. 3 of these are Arabic, the other 3 are international.
For the sake of scientific integrity the researcher requires the name of the participating judging committee, and pledges to omit it in case the member doesn't want it to be published
Your active participation in this questionnaire goes beyond merely supporting its preparer to doing a favor for our national newspaper industry, and to the academics and newspaper industry professionals within the country and abroad who will benefit of this questionnaire's results.

You can find a copy of this research's plan on the researcher's blog:
http://selviom.blogspot.com/2012/05/blog-post.html

You can contact the researcher on his email address:
muradbelal@gmail.com

Questionnaire linkٍ:
http://goo.gl/forms/rqUy4orpCD

-----------------------------------------------------------------------------------------------

الفصل الأول، الإطار المنهجي:


الفصل الثاني، الإطار النظري:

الفصل الثالث، الإطار التحليلي:

الفصل الرابع، الإطار التطبيقي:

الفصل الخامس، الخاتمة والنتائج والتوصيات: