الأربعاء، 6 يونيو 2018

قطاع الاتصالات الليبي، في سطور

أسئلة كثيرة، ومغالطات أكثر، وتصور مبهم، يشوب الفكرة العامة عن قطاع الاتصالات الليبي، ربما ساهم غياب المواد توضيحية مبسطة من مؤسسات القطاع بأكمله في ضبابيته، ولهذا كانت هذه التدوينة، الموجهة بشكل أساسي للمواطن العادي، ووسائل الإعلام، عساها تبدد قليلا ما يكتنفه من غموض.

تحمل مفردة "اتصال" معان تسع كافة أشكال الاتصالات، سواء كانت ثابتة أو محمولة، هاتف أو إنترنت، وتشير بداهة إلى وجود شبكات اتصالات داخلية وخارجية، تضمن بقاء هذا الاتصال قائما بين المستفيدين، والعالم من حولهم، وهذا ما ستحاول التدوينة شرحه، عبر سرد حالات عملية للخدمات، بقصد تحليلها لاحقا فنيا وهيكليا.

الحالة الأولى:
يجري "مراجع" مكالمة هاتفية بواسطة نقاله، فهو يود الاطمئنان على صحة والدته "ميرة" التي تؤدي شعائر "العمرة" في السعودية، ترد والدته على اتصاله، يطمئنان على بعضهما البعض، يبشرها بولادة مولود جديد له، تذرف دموع الفرح من أجله، تطلب منه إرسال صورا للمولود، يتبادلان الوصايا حول شؤونه والدعاء من أجله.

الحالة الثانية:
يصل "مراجع" هاتفه بشبكة الإنترنت اللاسلكي المنبعثة من جهاز خدمة الجيل الرابع، يحيل صور مولوده إلى حساب شقيقه على منصة التواصل الاجتماعي، سيتكفل شقيقه بعرض الصور على والدته قطعا.

الحالة الثالثة:
يلصق "مراجع" طابع البريد على البطاقة البريدية التي تحمل صورة جميلة لمنارة "بنغازي" في الليل، سطر عليها لتوه عبارات ودودة لصديقه بالمراسلة "نصار"، لم ينس أن يودعها داخل فتحة تمرير البريد الجوي الموجودة في واجهة مبنى البريد (8)، مازالت هواية المراسلة محببة لديهما، ومازال أثر عثوره على بطاقة بريدية في صندوق بريده مفرحاً بالنسبة إليه.

ما يحدث فنيا في الحالة الأولى، تحول لنبضات الاتصال إلى إشارة تخرج من نقاله إلى شبكة مشغله (1،2،3) عابرة أثيرا بلا أسلاك إلى أقرب هوائي استقبال، يعيد توجيهها عبر بنية تحتية تختلط فيها الكوابل الأرضية المتباينة ما بين النحاسية والبصرية بنقاط التراسل والمحولات (4)، وتجد طريقها عبر بوابات عبور في الاتجاهين إلى خارج البلاد (5) في رحلة عكسية، إلى البنى التحتية لبلد الوجهة ومشغل هاتف الوالدة (9) حتى تصل من خلال شبكة هوائياته إلى هاتف والدته ليعلمها الجهاز بورود اتصال ابنها، وقد يحدث أن تكون هناك اتفاقية تجوال بين (2،3،1) و(9) تمكنها من تشغيل هاتفها المحلي في الخارج، ويتم احتساب التعرفة وفقا لنوع الاتفاق المسبق بين الشبكات والدول، وربما يتضمن أسعارا استثنائية تراعي هكذا مناسبات، كل هذا، في لمح البصر.

لا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للحالة الثانية، البيانات تنتقل من نقاله إلى جهاز الخدمة إلى شبكة مزود خدمة الإنترنت (1،2،3،4)، ليعيد توجيهها عبر مزود لخدمة الإنترنت (2،6) إلى بنية تحتية تختلط فيها الكوابل الأرضية المتباينة ما بين النحاسية والبصرية بنقاط التراسل والمحولات (4)، وتجد طريقها عبر بوابات عبور في الاتجاهين إلى خارج البلاد (5) في رحلة عكسية، إلى البنى التحتية لبلد الوجهة ومزود خدمة الإنترنت لشقيقه ليصل إلى نقاله الذي تشعره تنبيهاته بوصول الصور.

في الحالة الثالثة، يتكفل مركز الخدمات البريدية (7) بتمرير البطاقة البريدية إلى وسيلة النقل الجوي التي تنقلها إلى البلد الوجهة المدرجة على عنوان البطاقة، ليتكفل مركز خدمات بريدية بإحالتها إلى صندوق بريد الصديق.

في الحالات الثلاث، يمثل كل رقم، شركة من شركات الاتصالات، كالتالي:
1- شركة المدار الجديد، مشغل للهاتف المحمول.
2- شركة ليبيا للاتصالات والتقنية، مزود خدمة إنترنت ومشغل للهاتف المحمول.
3- شركة ليبيانا، مشغل للهاتف المحمول.
4- شركة هاتف ليبيا، مشغل للهاتف الثابت، مالك للبنية التحتية المحلية للاتصالات.
5- شركة الاتصالات الدولية الليبية، بوابة عبور الاتصالات الهاتفية الدولية والإنترنت.
6- شركة الجيل الجديد للتقنية، مزود خدمة إنترنت.
7- شركة بريد ليبيا، مقدم خدمات بريدية، كصناديق البريد والطرود، طوابع البريد، إيصال الرسائل بين الداخل والخارج.
8- شركة البنية، التي يفترض أن تمثل المالك الفعلي للعقارات التي تشغلها كافة شركات القطاع.

النقطة (9) تمثل شركة اتصالات أجنبية.

تعتبر الشركات الثمان شركات قطاع عام شقيقة، وتمثل استثمارا داخليا للشركة الليبية القابضة للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات التي تمتلك استثمارات خارجية أيضاً مملوكة كلها للدولة الليبية وتعود أرباحها إليها، تعد القابضة مسؤولة أمام الهيئة العامة للاتصالات التي تتابع نشاط القطاعين العام والخاص درءا للتعارض.

تعتمد شركات القطاع على بعضها البعض بشكل كبير لتقديم خدمات كل منها.

كما تعتمد شركات القطاع أيضا، على قطاعات خدمية أخرى خارجه، منها على سبيل المثال لا الحصر، الشركة العامة للكهرباء التي تؤمن الكهرباء لمقار الشركات وهوائيات الخدمات، شركات النقل والشحن البري والجوي والبحري، وكذلك الهيئة العامة للمياه، بالإضافة إلى وزارة الداخلية لتأمين مرافق القطاع الحيوي.

يشار إلى أن جودة كل خدمة، رهن بجودة الخدمات المرتبطة بها والمكملة لها، لتؤثر عليها سلبا أو إيجابا، وفقا لمفهوم الجودة الشاملة، دون أن يدرك أو يُعنىَ المشترك بهذا الارتباط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق